للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَرْضِ، وَخَالَفَ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِعُمُومِ اسْتِثْنَائِهَا، فِي حَقِّ كُلِّ نَادِرٍ، وَخُصُوصِ اسْتِثْنَاءِ الْحَيْضِ فِي حَقِّ الْحَائِضِ، وَحُكْمُ الْفِطْرِ بِالنِّفَاسِ كَحُكْمِ الْفِطْرِ بِالْحَيْضِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي اشْتِرَاكِهِمَا فِي أَحْكَامِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَعَلْتُمْ قَضَاءَ أَيَّامِ الْحَيْضِ مُوجِبًا لِدُخُولِهِ فِي نَذْرِهَا، وَلَوْ نَذَرَتْ صِيَامَ أَيَّامِ حَيْضِهَا، بَطَلَ نَذْرُهَا، وَلَمْ يَلْزَمْهَا الْقَضَاءُ، فَهَلَّا كَانَتْ هَذِهِ كَذَلِكَ.

قِيلَ: لِأَنَّ إِفْرَادَهَا بِالنَّذْرِ يَجْعَلُهُ مَعْقُودًا عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَيَبْطُلُ، وَلَا يَجْعَلُهُ إِذَا دَخَلَ فِي الْعُمُومِ مَعْقُودًا عَلَى مَعْصِيَةٍ فَلَزِمَ.

وَأَمَّا الْفِطْرُ بِالْمَرَضِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ التَّتَابُعُ الْمُسْتَحَقُّ بِالزَّمَانِ، وَفِي إِبْطَالِهِ التَّتَابُعَ الْمُسْتَحَقَّ بِالشَّرْطِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَبْطُلُ بِهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِالْحَيْضِ، لِأَنَّهُ عُذْرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَبْطُلُ بِهِ التَّتَابُعُ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ بِالْحَيْضِ، لِأَنَّ فِطْرَ الْحَيْضِ مَعْهُودٌ، وَفِطْرَ الْمَرَضِ نَادِرٌ.

فَإِنْ قِيلَ: بِأَنَّهُ يَبْطُلُ التَّتَابُعُ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ قَضَاءَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ إِلَّا شَهْرَ رَمَضَانَ، وَالْخَمْسَةَ الْمُحَرَّمَةَ.

وَإِنْ قِيلَ: إنه غير مبطل للتابع كَالْحَيْضِ فَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ بِالْمَرَضِ قَوْلَانِ كَالْفِطْرِ بِالْحَيْضِ.

وَأَمَّا الْفِطْرُ بِالسَّفَرِ فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالْمَرَضِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إِبَاحَةِ الْفِطْرِ شَرْعًا، فَيَكُونُ الْفِطْرُ بِهِ كَالْفِطْرِ بِالْمَرَضِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَالْفِطْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، لِقُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ، فَخَالَفَ الْمَرَضُ الْعَاجِزُ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْفِطْرُ بِهِ كَفِطْرِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ.

(مَسْأَلَةٌ:)

قَالَ الشافعي: " وَإِنْ نَذَرَ سَنَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا قَضَى هَذِهِ الْأَيَّامَ كُلَّهَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا كَانَ النَّذْرُ مَعْقُودًا عَلَى صِيَامِ سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، فَالسَّنَةُ تَجْمَعُ شُهُورًا وَالشَّهْرُ يَجْمَعُ أَيَّامًا، فَشُهُورُ السَّنَةِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، وَأَيَّامُ الشَّهْرِ مَا بَيْنَ هِلَالَيْهِ، فَإِنْ تَمَّ كَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ نَقَصَ، كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، لَا يَنْقُصُ مِنْهَا، فَإِنْ فَاتَ هِلَالُهُ كَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، لَا يَنْقُصُ مِنْهَا، فَتَصِيرُ شُهُورُ السَّنَةِ بِفَوَاتِ أَهِلَّتِهَا ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَنَذْرُ صِيَامِهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: مطلق ومتتابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>