للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَامَ حَجِّهِ فَإِذَا شَفَى اللَّهُ مَرِيضَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، لِوُجُودِ شَرْطِ النَّذْرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِهِ وُجُودُ الزَّادِ، وَالرَّاحِلَةِ.

وَفِي اعْتِبَارِ وَجُودِهِمَا فِي أَدَائِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ وُجُودُهُمَا فِي الْأَدَاءِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْإِمْكَانِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهُمَا فِي الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ فِي نَذْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَا يَطْرَحُ الْغَلَبَةَ فِي الْأَيْمَانِ فَلَمْ يَطْرَحْهَا فِي النُّذُورِ، وَفِي وُجُوبِ تَعْجِيلِهِ عَلَى الْفَوْرِ وَجْهَانِ مَضَيَا.

وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ قَدِمَ غَائِبِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ فِي عَامِي هَذَا فَلَا يَخْلُو قُدُومُ غَائِبِهِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ فِي عَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ عَامِهِ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِانْقِضَاءِ وَقْتِهِ وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ حَجِّ عَامِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا لِحَجِّهِ، فَقَدْ لَزِمَهُ النَّذْرِ، وَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِي عَامِهِ الْحَجُّ لِإِمْكَانِ أَدَائِهِ فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ إِمْكَانِ الْحَجِّ فِي عَامِهِ لِقُصُورِ زَمَانِهِ، فَفِي لُزُومِ نَذْرِهِ وَوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ.

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ النَّذْرُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَيَقْضِيهِ بَعْدَ عَامِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ قَادِرًا عَلَى اسْتِثْنَائِهِ فِي نَذْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَا يَطْرَحُ الْغَلَبَةَ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ، فِي وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فِي عَامِهِ لِتَعْيِينِهِ فِي نَذْرِهِ فَإِنْ حَجَّ فِيهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَأَخُّرُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ، لِأَنَّ فَرْضَهُ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْفَوْرِ دُونَ التَّرَاخِي.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ عَامِهِ لِعُذْرٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ، فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ لِمَوْتِهِ، قَبْلَ وَقْتِ الْأَدَاءِ، فَصَارَ كَمَوْتِ الْمُزَكِّي قَبْلَ الْحَوْلِ، وَمَوْتِ الْمُصَلِّي قَبْلَ الْوَقْتِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِإِحْصَارِ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ، وَعَدُوٍّ غَالِبٍ، فَحُكْمُ الْإِحْصَارِ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا سَقَطَ بِهِ الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَفِي سُقُوطِ القضاء قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>