للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ جَعَلَهُمْ جَمِيعًا نَاظِرِينَ فِيهِ بَطَلَ تَقْلِيدُهُمْ إِنْ كَثُرُوا، وَفِي صِحَّتِهِ وَإِنْ قَلُّوا وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. وَهُوَ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ دُونَ أَحْكَامِهِ.

فَأَوَّلُ آدَابِهِ إِذَا وَرَدَ بَلَدَ عَمَلِهِ أَنْ يُعْلِمَهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ بِوُرُودِهِ قَاضِيًا فِيهِ إِمَّا بِكِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ لِيَعْلَمَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مُوَافَقَةٍ أَوِ اخْتِلَافٍ.

فَإِنِ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى طَاعَتِهِ دَخَلَ.

وَإِنِ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى مُخَالَفَتِهِ تَوَقَّفَ، وَاسْتَطْلَعَ رأي الإمام.

(استصحاب كتاب الْإِمَامِ)

:

وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْقَاضِي كِتَابَ الْإِمَامِ إِلَى أَمِيرِ الْبَلَدِ بِتَقْلِيدِهِ الْقَضَاءَ حَتَّى يَجْمَعَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ جَبْرًا إِنْ خَالَفُوهُ.

فَإِنْ وَافَقَهُ بَعْضُهُمُ اعْتُبِرَ حَالُ مُوَافَقِيهِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ عددا من مخالفيه وأقوى يدا دخل.

(توطيد الإمام السبل للقاضي)

:

وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَدًا وَأَضْعَفَ يَدًا تَوَقَّفَ وَعَلَى الْإِمَامِ رَدُّ مُخَالِفِيهِ إِلَى طَاعَتِهِ وَلَوْ بِقِتَالِهِمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُذْعِنُوا بِالطَّاعَةِ وَلْيُعِنْهُ بِمَا يَنْفُذُ أَمْرُهُ فِيهِمْ وَيَبْسُطُ يَدَهُ عَلَيْهِمْ لِيَقْدِرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنَ الْقَوِيِّ لِلضَّعِيفِ وَمِنَ الشَّرِيفِ لِلْمَشْرُوفِ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّسُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهِمْ حَقُّهُ ".

ثُمَّ يُنَادِي فِي الْبَلَدِ إن اتسع بوروده ليعلم به الداني والقاضي وَالْخَاصُّ وَالْعَامُّ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَيَكُونُ أَهْيَبَ فِي النُّفُوسِ وَأَعْظَمَ فِي الْقُلُوبِ.

وَيُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ دُخُولُهُ إِلَى الْبَلَدِ فِي يَوْمِ الِإِثْنَيْن اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي دُخُولِهِ الْمَدِينَةَ عِنْدَ هِجْرَتِهِ إِلَيْهَا.

وَيُخْتَارُ أَنْ يَسْكُنَ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ لِيَقْرُبَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ كَمَا يُقْبِلُ الْإِمَامُ بِوَجْهِهِ فِي الْخُطْبَةِ قَصْدَ وَجْهِهِ لِيَعُمَّ جَمِيعَ النَّاسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>