للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُخْتَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِقِرَاءَةِ عَهْدِهِ قَبْلَ نَظَرِهِ لِيَعْلَمَ النَّاسُ مَا تَضَمَّنُهُ مِنْ حُدُودِ عَمَلِهِ وَمِنْ صِفَةِ وِلَايَتِهِ فِي عُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ فَيَجْمَعُ النَّاسَ لِقِرَاءَتِهِ فِي أَفْسَحِ بِقَاعِهِ مِنْ جَوَامِعِهِ وَمَسَاجِدِهِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ طَاعَةَ اللَّهِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ.

ثُمَّ يَنْظُرُ بعد قراءته ولو بين خصمين لتستقر [به] وِلَايَتُهُ بِالنَّظَرِ وَيَتَوَطَّأُ لَهُ الْخُصُومُ فِي الْحُكْمِ وَلِيَعْلَمَ النَّاسُ قَدْرَ عِلْمِهِ وَضَعْفِهِ.

(فَصْلٌ)

: ثُمَّ يُقَرِّرُ أَمْرَيْنِ يَعْتَمِدُهَا الْخُصُومُ فِي نَظَرِهِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَجْعَلَ مَجْلِسَ نَظَرِهِ مِنْ بَعْدِ مَعْرُوفِ الْمَكَانِ مَخْصُوصًا بِالنَّظَرِ فِي الْأَحْكَامِ حَتَّى لَا يَسْأَلُوا عَنْهُ إِنْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَعْدِلُوا عَنْهُ إِنْ نَظَرَ فِي غَيْرِ أَحْكَامِهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ زَمَانُ نَظَرِهِ مُعَيَّنًا عَلَيْهِ مِنَ الْأَيَّامِ لِيَتَأَهَّبُوا فِيهِ لِلتَّحَاكُمِ إِلَيْهِ.

فَإِنْ كَثُرَتِ الْمُحَاكَمَاتُ وَلَمْ يَتَّسِعْ لَهَا بَعْضُ الْأَيَّامِ لَزِمَهُ النَّظَرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ.

وَيَكُونُ وَقْتُ نَظَرِهِ مِنَ الْيَوْمِ مَعْرُوفًا لِيَكُونَ بَاقِيهِ مَخْصُوصًا بِالنَّظَرِ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ وَرَاحَتِهِ وَدَعَتِهِ.

وَإِنْ قَلَّتِ الْمُحَاكَمَاتُ وَاتَّسَعَ لَهَا بَعْضُ الْأَيَّامِ جَعَلَ يَوْمَ نَظَرِهِ فِي الْأُسْبُوعِ مَخْصُوصًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِيهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، مُعْتَبِرًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ حَتَّى يَسْتَعِدَّ النَّاسُ لِلتَّحَاكُمِ فِيهِ.

فَإِنْ تَجَدَّدَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّظَرِ مَا لَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ فِيهِ نَظَرَ فِيهِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهُ.

وَيَخْتَارُ أَنْ تَكُونَ أَيَّامَ نَظَرِهِ مِنَ الأسبوع: السبت والاثنين والخميس.

[(فصل: القضاء في موضع بارز)]

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ.

وَمُرَادُهُ بِهَذَا شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَخْرُجَ مَعَ الْبُرُوزِ إِلَى الِاسْتِئْذَانِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ فَسِيحًا تَرْتَاحُ فِيهِ النُّفُوسُ وَلَا يُسْرَعُ فِيهِ الْمَالُ فَقَدْ قِيلَ: خَيْرُ الْمَجَالِسِ مَا سَافَرَ فِيهِ الْبَصَرُ وَاتَّدَعَ فِيهِ الْجَسَدُ.

وَبِحَسَبِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي نَقْلِ الْمُزَنِيِّ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ فَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالْخَفْضِ وَجَعَلَهُ صِفَةً لِلْمَوْضِعِ فِي الْفَسَاحَةِ وَالسَّعَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالنَّصْبِ بَارِزًا لِلنَّاسِ وَجَعَلَهُ صِفَةً لِلْقَاضِي فِي ظُهُورِهِ مِنْ غير إذن.

<<  <  ج: ص:  >  >>