للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا وَحَكَمَ بِمَذْهَبِهِ فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ حَكَمَ بِحَبْسِهِ إِنِ امْتَنَعَ.

وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ حَنَفِيًّا يَرَى وُجُوبَ الْغُرْمِ وَالْحَبْسِ، فَإِنْ كَانَ رَأْيُ الْقَاضِي الثَّانِي مِثْلَ رَأْيِهِ كَانَ الْمَحْبُوسُ عَلَى حَبْسِهِ.

وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي رَأْيِهِ يَرَى مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي سُقُوطِ غُرْمِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُ الْأَوَّلِ لِنُفُوذِهِ فِي اجْتِهَادٍ مُسَوِّغٍ.

وَفِي وُجُوبِ إِمْضَائِهِ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمْضِيَهُ وَلَا يَحْكُمَ بِهِ وَيُلْزِمَ الْمَحْبُوسَ حُكْمَ إِقْرَارِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُمْضِيهِ لِبُطْلَانِهِ عِنْدَهُ وَيُعِيدُهُ إِلَى حَبْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْزِمَهُ الْقَضَاءَ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ، وَلَمْ يُطْلِقْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِهِ، وَأَقَرَّهُ فِيهِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.

وَالْحَالُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يَقُولَ حَبَسَنِي لِخَصْمٍ بِحَقٍّ فَيَسْأَلُ عَنْ خَصْمِهِ وَعَنِ الْحَقِّ الَّذِي حُبِسَ بِهِ فَإِذَا أُحْضِرَ وَطَالَبَ لَمْ يَخْلُ الْحَقُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي مَالٍ أَوْ عَلَى بَدَنٍ.

فَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْأَبْدَانِ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فَالْحَبْسُ بِهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِأَنَّ تَعْجِيلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ مُمْكِنٌ فَيُسْتَوْفي وَيُخَلَّى بَعْدَ النِّدَاءِ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ فَضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَيْنًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ.

فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا: لَمْ تَخْلُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَحَقَّةً بِعَقْدٍ أَوْ عَنْ غَصْبٍ فَإِنِ اسْتَحَقَّ بِعَقْدٍ كَالْمَبِيعِ إِذَا لَمْ يُقْبَضْ حَكَمَ فِيهِ بِمَا يُوجِبُهُ حُكْمُ الْعَقْدِ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَنِ أَوْ قَبْضِهِ.

وَإِنِ اسْتُحِقَّ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْمَغْصُوبِ، فَإِنْ ثَبَتَ غَصْبُهُ بِبَيِّنَةٍ حَكَمَ الْقَاضِي بِتَسْلِيمِهِ وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَمْنَعِ الْمُدَّعِيَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِتَسْلِيمِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ مَالًا فِي الذِّمَّةِ: أَمَرَهُ بِقَضَائِهِ إِنْ كَانَ مَلِيئًا.

وَإِنِ ادَّعَى عُسْرَه نَظَرَ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَ عَنْ مُقَابَلَةِ مَالٍ صَارَ إِلَيْهِ كَثَمَنِ مَبِيعٍ قَبَضَهُ وَمَالٍ اقْتَرَضَهُ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ دَعْوَى الْإِعْسَارِ إِلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ مَالٍ صَارَ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ قِيمَةٌ لِمُتْلَفٍ أَوْ مَهْرٍ وَصَدَاقٍ قَبِلَ قَوْلَهُ فِي الْعُسْرَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَوَجَبَ إِطْلَاقُهُ بِهَا بَعْدَ النِّدَاءِ عَلَيْهِ لِجَوَازِ حُضُورِ خَصْمٍ آخَرَ إِنْ كَانَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>