للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ كَانَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ مُغْنِيًا عَنْ ذِكْرِ السُّؤَالِ كَمَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنِ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " فَالرَّاوِي فِيهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذِكْرِ السُّؤَالِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَفْتَقِرَ الْجَوَابُ إِلَى ذِكْرِ السُّؤَالِ كَمَا سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: " أَيَنْقُصُ إِذَا يَبِسَ؟ " قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: " فَلَا إِذَنْ ".

فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَابِ حَتَّى يَذْكُرَ السُّؤَالَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " فَلَا إِذَنْ " لَا يُفْهَمُ إِلَّا بِذِكْرِ السُّؤَالِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ إِطْلَاقُ الْجَوَابِ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ فَإِذَا نُقِلَ السُّؤَالُ نُفِيَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَمَا سُئِلَ عَنِ الشَّاةِ تُذْبَحُ فَيُوجَدُ فِي جَوْفِهَا جَنِينٌ مَيِّتٌ أَفَيُؤْكَلُ؟ فَقَالَ: " ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهُ " لَوْ قَالَهُ ابْتِدَاءً لَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ ذَكَاتُهُ مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ. وَاحْتَمَلَ أَنْ يُسْتَبَاحَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ، وَإِذَا ذُكِرَ السُّؤَالُ صَارَ الْجَوَابُ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَبَاحُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَيَكُونُ الْإِخْلَالُ بِذِكْرِ السُّؤَالِ تَقْصِيرًا فِي الْبَيَانِ يُكْرَهُ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ.

وَيَسْتَوِي فِي هَذَا مَنْ هُوَ أَصْلُ الْخَبَرِ كَالصَّحَابِيِّ وَمَنْ قَدْ تَفَرَّعَ عَلَيْهِ مِنَ التَّابِعِينَ ومن دونهم.

( [رواية الحديث بالمعنى] )

وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَرْوِيَ مَعْنَى الْحَدِيثِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي كَقَوْلِهِ: " لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ " فَيُرْوَى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَكَقَوْلِهِ: " اقْتُلُوا الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ " فَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَهَذَا جَائِزٌ، لِأَنَّ (افْعَلْ) أَمْرٌ وَ (لَا تَفْعَلْ) نَهْيٌ فَاسْتَوَيَا فِي الْخَبَرِ وَكَانَ الرَّاوِي فِيهِمَا مُخَيَّرًا.

وَيَسْتَوِي فِي هَذَا التَّخَيُّرِ مَنْ كَانَ أَصْلُ الْخَبَرِ كَالصَّحَابَةِ وَمَنْ صَارَ فَرْعًا فِيهِ كَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ.

الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي نَقْلِ كَلَامٍ قَالَهُ بِأَلْفَاظٍ وَيَكُونُ الْكَلَامُ مُحْتَمِلَ الْأَلْفَاظِ أَوْ خَفِيَّ الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ " لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>