للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْهُ مَفْهُومَ الْمَعْنَى وَمُسْتَقِلَّ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ فِي الْبَحْرِ: " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " فَيَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيَرْوِي " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ " أَوْ يَرْوِي " هُوَ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " لِأَنَّهُمَا حُكْمَانِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الرِّوَايَةِ إِلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِبْلَاغِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ مَا تَحَمَّلَ كَالشَّاهِدِ.

وَأَمَّا الْحَالُ الرَّابِعَةُ: وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي الْخَبَرِ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ شَرْحًا لِلْحَالِ كَمَا نَهَى عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ يَزِيدُ فِيهِ ذِكْرَ السَّبَبِ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ؛ فَيَصِحُّ هَذَا مِنَ الصَّحَابِيِّ لِأَنَّهُ قَدْ شَاهَدَ الْحَالَ وَلَا يَصِحُّ مِنَ التَّابِعِيِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ تَفْسِيرًا لِمَعْنَى الْكَلَامِ كَنَهْيِهِ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ فَيَجُوزُ لِلرَّاوِي مِنْ صَحَابِيٍّ وَتَابِعِيٍّ أَنْ يُفَسِّرَ مَعْنَاهُمَا فِي رِوَايَتِهِ، فَتَصِيرُ الزِّيَادَةُ تَفْسِيرًا فَيَجُوزُ، لَكِنْ إِنْ فَسَّرَهَا الصَّحَابِيُّ. لَزِمَ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَإِنْ فَسَّرَهَا التَّابِعِيُّ لَمْ يَلْزَمْ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَخْرُجَ الزِّيَادَةُ عَنْ شَرْحِ السَّبَبِ وَتَفْسِيرِ الْمَعْنَى فَمَا هِيَ إِلَّا كَذِبٌ يَسِيرٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ صَحَابَةَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ قَالَ " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ".

فَهَذَا الْكَلَامُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَحْكَامِ الرُّوَاةِ النَّاقِلِينَ لِلسُّنَّةِ.

(فَصْلٌ: [الْقَوْلُ فِي أَحْكَامِ الْمُتُونِ الْمَنْقُولَةِ أَوِ السنن المروية] )

وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْأَصْلِ فِي أَحْكَامِ الْمُتُونِ الْمَنْقُولَةِ أَوِ السُّنَنِ الْمَرْوِيَّةِ:

فَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ كِتَابَ اللَّهِ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَقْسَامِ السِّتَّةِ وَهِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، وَالْمُفَسَّرُ وَالْمُجْمَلُ، وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ، وَالْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ، وَالْمُحْكَمُ، وَالْمُتَشَابِهُ، وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، فَمِثْلُهَا مَوْجُودٌ فِي السُّنَّةِ، وَأَحْكَامُهَا فِي السُّنَّةِ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِهَا في الكتاب.

تختص السُّنَّةُ بِأُصُولٍ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَا تُؤْخَذُ مِنْهُ السُّنَّةُ.

وَالثَّانِي: مَا يَجِبُ بَيَانُهُ بِالسُّنَّةِ وَالثَّالِثُ مَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ من السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>