للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُ الْحَاكِمُ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ الْعَرَبِيِّ وَيَسْمَعُ جَوَابَهُ عَنْهُ.

وَإِنْ كَانَا أَعْجَمِيَّيْنِ فَهَلْ لِلْمُتَرْجِمَيْنِ عَنْ أَحَدِهِمَا أَنْ يُتَرْجِمَا عَنِ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّاهِدَيْنِ إِذَا تَحَمَّلَا عَنْ أَحَدِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ هَلْ يَتَحَمَّلَانِ عَنِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ .

فَإِنْ قيل: بجوازه في التحمل، قبل بِجَوَازِهِ فِي التَّرْجَمَةِ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ فِي التَّحَمُّلِ مَنَعَ مِنْهُ فِي التَّرْجَمَةِ.

فَأَمَّا تَرْجَمَةُ مَا قَالَهُ الْحَاكِمُ لِلْخَصْمِ الْأَعْجَمِيِّ فَهِيَ خَبَرٌ مَحْضٌ وَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عِنْدَ الْحُكَّامِ الْمُلْزِمِينَ. فَيَجُوزُ فِيهَا تَرْجَمَةُ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَرْجِمُ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ هُوَ الْمُتَرْجِمَ لِلْخَصْمِ الْآخَرِ وَجْهًا وَاحِدًا لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّرْجَمَةِ عِنْدَ الحاكم وغير الحاكم بالوجوب والإلزام.

(الشهود)

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي كَتَبَ حِلْيَةَ كُلِّ رَجُلٍ وَرَفَعَ فِي نَسَبِهِ إِنْ كَانَ لَهُ أَوْ وِلَايَةٍ إِنْ كَانَتْ لَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ صِنَاعَتِهِ وَكُنْيَتِهِ إِنْ كَانَتْ لَهُ وَعَنْ مَسْكَنِهِ وَعَنِ مَوْضِعِ بِيَاعَتِهِ وَمُصَلَّاهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ الشُّهُودِ إِذَا شهدوا عند القاضي من ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ عَدَالَتَهُمْ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ وَيَعْمَلَ عَلَى عِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمْ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَعْلَمَ فِسْقَهُمْ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ أَوْ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ، وَيَعْمَلَ عَلَى عِلْمِهِ فِي فِسْقِهِمْ، فَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ. وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الْحُكْمِ بِعِلْمِهِ فِيمَا عَدَاهُ قَوْلَانِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُعْرَفُوا بِعَدَالَةٍ وَلَا فِسْقٍ: فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْلَمَ إِسْلَامَهُمْ، أَوْ لَا يَعْلَمَهُ.

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إِسْلَامَهُمْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ، حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُمْ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْرِيَ عَلَيْهِمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ بِظَاهِرِ الدَّارِ فِي سَمَاعِ شَهَادَتِهِمْ وَإِنْ أَجْرَيْنَا عَلَى اللَّقِيطِ حُكْمَ الْإِسْلَامِ بِظَاهِرِ الدَّارِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالشَّهَادَةِ مِنْ إِلْزَامِ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِاللَّقِيطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>