للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى هَذَا إِذَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ الْمَسَائِلِ رُسُلَ مَنْ عَدَّلَ وَجَرَحَ، كَانَ مَا يَذْكُرُهُ أَصْحَابُ مَسَائِلِهِ خَبَرًا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَصِرَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ دُونَ الشَّهَادَةِ، وَيُسَمُّوا لِلْحَاكِمِ مَنْ عَدَّلَ وَجَرَّحَ، ثُمَّ تُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِالتَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ مِنَ الْجِيرَانِ وَأَهْلِ الْخِبْرَةِ عَلَى شرط الشهادة.

[(فصل: هل يشهد على تعديل الثاني من شهدا على الأول) .]

وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَصْحَابِ مَسَائِلِهِ أَوْ مِنَ الْجِيرَانِ بِحَسَبِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ بِتَعْدِيلِ أَحَدِ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ، جَازَ أَنْ يَشْهَدَا بِتَعْدِيلِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ قَوْلَيْنِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ هُمَا فَرْعٌ لِأَصْلٍ وَفِي التَّزْكِيَةِ هُمَا شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلِ.

(مِنِ احْتِيَاطَاتِ الْحُكَّامِ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ) .

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَيُخْفِي عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَسْمَاءَ مَنْ دَفَعَ إِلَى الْآخَرِ لِتَتَّفِقَ مَسْأَلَتُهُمَا أَوْ تَختَلِفَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ: وَهُوَ مِنِ اسْتِظْهَارِ الْحَاكِمِ، أَنْ يُخْفِيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَسَائِلِهِ مَا دَفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ، حَتَّى لَا يَجْمَعَهُمُ الْهَوَى عَلَى اتِّفَاقٍ فِي جَرْحٍ أَوْ تَعْدِيلٍ.

وَإِذَا شَهِدُوا عِنْدَ الْقَاضِي بِجَرْحٍ أَسَرُّوهُ، وَلَمْ يَجْهَرُوا بِهِ.

وَإِنْ شَهِدُوا بِتَعْدِيلٍ جَازَ أَنْ يَجْهَرُوا بِهِ، لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِإِخْفَاءِ المساوي، وَإِظْهَارِ الْمَحَاسِنِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تُسْمَعَ شَهَادَتُهُمْ بِالْجَرْحِ مَعَ غَيْبَةِ الْمَجْرُوحِ، وَلَا يَلْزَمُ إِعَادَتُهَا مَعَ حُضُورِهِ وَتُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ بِالتَّعْدِيلِ مَعَ الْحُضُورِ، وَلِأَنَّ الْمُعَدِّلَ مَحْكُومٌ بِقَوْلِهِ، فَاحْتَاجَ الْحَاكِمُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ.

وَتُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ بِالتَّعْدِيلِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُعَدَّلِ وَتُعَادُ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ مَعَ حُضُورِهِ، لِئَلَّا يَقَعَ الْغَلَطُ فِي اتِّفَاقِ الْأَسْمَاءِ وَالْأَنْسَابِ، فَيَزُولُ الِاشْتِبَاهُ بِالْإِشَارَةِ مَعَ الْحُضُورِ.

(حُكْمُ شَهَادَاتِ التَّعْدِيلِ إِذَا اخْتَلَفَتْ) .

[(مسألة)]

قال الشافعي: " فَإِنِ اتَّفَقَتْ بِالتَّعْدِيلِ أَوِ التَجرِيحِ قَبِلَهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَعَادَهَا مَعَ غَيْرِهِمَا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>