للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِشَاءِ، وَبِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِ صَلَاةٍ ". وَفِيهِ دَلِيلَانِ.

أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ، أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا، لَأَمَرَهُمْ بِهِ، شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: " لَأَمَرْتُهُمْ " بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يَفْرِضَهُ ". فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لم يفرض، وروى عن النبي عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: " كُتِبَ الْوِتْرُ عَلَيَّ وَلَمْ يُكْتَبْ عليكم، وكتب الأضحى علي ولم يكتب عليكم وكتب السواك علي وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ " وَهَذَا نَصٌّ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اسْتَاكُوا فَهُوَ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ لِإِزَالَةِ الْقَلَحِ، وَإِزَالَةُ الْقَلَحِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ السِّوَاكُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَمَّا الْخَبَرُ الْآخَرُ، فَقَدْ بَيَّنَهُ " حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يفرضه ". فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النوم، لرواية أبي وائل عن حذيفة ابن الْيَمَانِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان إذا قام من الليل، شوص فَاهُ بِالسِّوَاكِ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الشَّوْصُ الْغَسْلُ. والموص مِثْلُهُ، وَأَنْشَدَ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:

(بِأَسْوَدَ مُلْتَفِّ الْغَدَائِرِ وارد ... وذي أشر تسوفه وتشوص)

والحالة الثَّانِيَةُ: عِنْدَ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، لِرِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يوضع له وضوءه وسواكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>