للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي مِثْلِ حَالِهِ بِإِحَالَةِ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ وَلِاسْتِوَائِهِمَا فِي النَّقْصِ، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَادِرًا عَلَى إِتْمَامِ الْقِرَاءَةِ بِإِصَابَةِ الْمَعَانِي وَاجْتِنَابِ اللَّحْنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْقَارِئِ إِذَا صَلَّى خَلْفَ الْأُمِّيِّ فَيَكُونُ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، فَلَوِ اخْتَلَفَ لَحْنُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَأَحَالَ الْإِمَامُ بِلَحْنِهِ مَعْنَى كَلِمَةٍ أَصَابَ الْمَأْمُومُ مَعْنَاهَا، وَأَحَالَ مَعْنَى كَلِمَةٍ سِوَاهَا فَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: جَائِزَةٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي اللَّحْنِ وَإِنِ اخْتَلَفَ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ يَفْضُلُ عَلَى إِمَامِهِ فِيمَا قَصَّرَ عَنْهُ، وَإِنِ اعْتَوَرَهُ النَّقْصُ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ وَيُحْسِنُ سَبْعَ آيَاتٍ لَا يَلْحَنُ فِيهِنَّ أَوْ لَا يُحْسِنُ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ يُسَبِّحُ وَلَا يَلْحَنُ، فَفِي إِيجَابِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ إِذَا صَلَّى خَلْفَ مَنْ يُحِيلُ بِلَحْنِهِ مَعْنَى الْفَاتِحَةِ وَجْهَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الْأَعْجَمِيُّ إِذَا لَفَظَ بِأَعْجَمِيَّةٍ فَأَحَالَ مَعْنَى الْكَلِمَةِ بِعَجَمِيَّتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِالْهَاءِ أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بِالْحَاءِ مُعْجَمَةً، فَهَذَا مُحِيلٌ لِلْمَعْنَى بِكُلِّ حَالٍ، وَهِيَ اللُّكْنَةُ، لِأَنَّ اللُّكْنَةَ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى الْكَلَامِ اللُّغَةُ الْأَعْجَمِيَّةُ، وَالطَّمْطَمَةُ، أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مُشَبَّهًا بِكَلَامِ الْعَجَمِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِيمَنْ أَحَالَ المعنى على ما مضى من الجواب سواه، وَقَدْ رَوَى عُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ آلِ السَّائِبِ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمَكَّةَ وَكَانَ أَعْجَمِيَّ اللِّسَانِ فَأَخَّرَهُ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَقَدَّمَ غَيْرَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهَمَّ بِالْمِسْوَرِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ أَعْجَمِيَّ اللِّسَانِ فَكَانَ فِي الْحَجِّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْمَعَ بَعْضُ الْحَاجِّ فَيَأْخُذُ بِعَجَمِيَّتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَصَبْتَ

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَكْرَهُ إِمَامَةَ مَنْ بِهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ، فإنْ أَمَّ أَجْزَأَ إِذَا قَرَأَ مَا يُجزئُ فِي الصَّلَاةِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ

أَمَّا التَّمْتَمَةُ: فَهِيَ التَّرَدُّدُ فِي التَّاءِ، وَأَمَّا الْفَأْفَأَةُ فَهِيَ التَّرَدُّدُ فِي الْفَاءِ، فَتُكْرَهُ إِمَامَةُ التَّمْتَامِ وَالْفَأْفَاءِ؛ لِزِيَادَتِهِمْ عَلَى الْكَلِمَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، فَإِنْ أمُّوا جاز وصحت صلاته مَنِ ائْتَمَّ بِهِمْ، لِإِتْيَانِهِمْ بِالْوَاجِبِ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَمَا أَتَوْهُ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ، كَمَنْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ نَاسِيًا

وَأَمَّا الْعُقْلَةُ فَهِيَ: الْتِقَاءُ اللِّسَانِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْكَلِمَةِ ثُمَّ تَأْتِي الْكَلِمَةُ سَلِيمَةً بَعْدَ جُهْدٍ فَهَذَا كَالتِّمْتَامِ تَجُوزُ إِمَامَتُهُ وَإِنْ كُرِهَتْ؛ وَكَذَلِكَ الرَّدَّةُ وَهِيَ: تَكَرُّرُ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ إِرَادَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَالُكٍ لِلْإِمْسَاكِ عَنْهَا، فَأَمَّا الْغُنَّةُ فَهِيَ: أَنْ يَشْرَبَ صَوْتُ الْخَيْشُومِ، وَالْخُنَّةُ أَشَدُّ مِنَ الْغُنَّةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الْإِمَامَةِ، لِأَنَّ الْكَلِمَةَ تَأْتِي سَلِيمَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>