للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقِسْمَةِ شَيْئَانِ:

أحدهما: أن يمتنع بها من سواء المشركة.

وَالثَّانِي: كَمَالُ التَّصَرُّفِ الَّذِي يَمْتَنِعُ بِاخْتِلَافِ الْأَيْدِي، فَصَارَ الْمَقْصُودُ بِهَا دَفْعُ الضَّرَرِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْخُلَهَا إِجْبَارٌ بِدُخُولِ الضَّرَرِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ قِسْمَةِ الضِّرَارِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَمْوَالَ الْمُشْتَرَكَةَ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمٌ تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ، وَقِسْمٌ تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الِاخْتِيَارِ، وَقِسْمٌ يَنْتَفِي عَنْهُ الْقَسْمُ جَبْرًا أَوِ اخْتِيَارًا.

فَمِمَّا يَدْخُلُهُ الْقَسْمُ الضِّيَاعُ وَالْعَقَارُ، فَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَعْدِيلٌ وَلَا رَدٌّ دَخَلَهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ، وَلَا يَمْنَعُ مَا فِيهِ مِنَ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مِنْ قِسْمَةٍ جَبْرًا إِذَا تَمَاثَلَ وَتَقَارَبَ فَإِنَّ تَحْقِيقَ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ مُتَعَذِّرٌ فَلَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِمَا يَتَحَقَّقُ تَمَاثُلُهُ مِنَ الْأَرْضِ.

وَأَمَّا مَا فِيهِ رَدٌّ، فَلَا تَدْخُلُهُ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى قِسْمَةِ الِاخْتِيَارِ.

وَأَمَّا مَا فِيهِ تَعْدِيلٌ، فَفِي دُخُولِ قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ فِيهِ قَوْلَانِ مَضَيَا.

فَأَمَّا قِسْمَةُ مَا كَانَ مِنْهُ وَقْفًا مُحَرَّمًا، فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِمِلْكٍ لَمْ تَجُزْ قِسْمَتُهُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ أَهْلِهِ مَقْصُورَةٌ عَلَى مَنَافِعِهِ وَإِنِ اخْتَلَطَ بِمِلْكٍ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْقِسْمَةَ إِفْرَازُ حَقٍّ، جَازَ قَسْمُهُ جَبْرًا.

وَإِنْ قِيلَ: إِنِ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ فَفِي جَوَازِ قَسْمِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تَجُوزُ جَبْرًا، وَلَا اخْتِيَارًا، تَغْلِيبًا لِلْوَقْفِ.

وَالثَّانِي: تَجُوزُ جَبْرًا وَاخْتِيَارًا، تَغْلِيبًا لِلْمِلْكِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الْبَنَّاءُ وَالشَّجَرُ دُونَ أَرْضِهِ فَلَا يجوز إجبارا ويجوز اختيارا.

(قسم الحيوان) .

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا قِسْمُ الْحَيَوَانِ كَالْعَبِيدِ، وَالْمَوَاشِي، فَإِنْ كَانَ رَأْسًا وَاحِدًا، لَمْ تَدْخُلْهُ الْقِسْمَةُ إِجْبَارًا وَلَا اخْتِيَارًا.

وَإِنْ كَانَ عَدَدًا، فَإِنْ تَفَاضَلُوا لَمْ يُقَسِّمُوا إِجْبَارًا، وَقَسَّمُوا اخْتِيَارًا.

وَإِنْ تَمَاثَلُوا فَفِي قَسْمِهَا إِجْبَارًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، يُقَسَّمُ إِجْبَارًا لتماثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>