للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَضْجَرَ عَلَى الشَّاهِدِ وَلَا يَنْتَهِرَهُ؛ لِأَنَّ الضَّجَرَ وَالِانْتِهَارَ عَنَتٌ.

( [لَا يُلَقِّنُ الْقَاضِي أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ حُجَّةً] ) .

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " ولا ينبغي أي يُلَقِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا حُجَّةً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي مِنَ الْخَصْمَيْنِ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالتَّلْقِينِ مُمَايِلًا لَهُ وَبَاعِثًا عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِمَا لَعَلَّهُ لَيْسَ لَهُ.

فَأَمَّا إِنْ قَصَّرَ الْمُدَّعِي فِي الدَّعْوَى وَلَمْ يستوفها، سأله عما قصر فيه، ليتحقق به الدعوى.

فإنه لَقَّنَهُ تَحْقِيقَ الدَّعْوَى، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ تَوْفِيقٌ لِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ بِتَلْقِينٍ لِلْحُجَّةِ. وَمَنَعَ مِنْهُ آخَرُونَ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُعِينًا لَهُ عَلَى خَصْمِهِ. وَقَالَ لَهُ: إِنْ حَقَّقْتَ دَعْوَاكَ سَمِعْتُهَا، وَإِلَّا صَرَفْتُكَ حَتَّى يَتَحَقَّقَ لَكَ.

فَإِنْ قَالَ لَهُ اسْتَعِنْ بِمَنْ يَنُوبُ عَنْكَ فَإِنْ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي الِاحْتِجَاجِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَشَارَ بِهِ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي تَحْقِيقِ الدَّعْوَى جَازَ وَلَا يُعَيِّنُ لَهُ عَلَى مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ.

( [لَا يُلَقِّنُ الْقَاضِي أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ شَهَادَةً] ) .

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا شَاهِدًا شَهَادَةً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُلَقِّنُ الشَّاهِدَ مَا يَشْهَدُ بِهِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَصِيرُ بِتَلْقِينِهِ مَائِلًا مَعَ الْمَشْهُودِ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رُبَّمَا لَقَّنَهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ.

فَإِنْ لَقَّنَهُ صِفَةَ لَفْظِ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يُلَقِّنْهُ مَا يَشْهَدُ بِهِ فِي الْأَدَاءِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي تَلْقِينِ الْخَصْمِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى، فَجَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ، لِأَنَّهُ تَوْقِيفٌ، وَلَيْسَ بِتَلْقِينٍ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ. وَمَنَعَ مِنْهُ آخَرُونَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُمَايَلَةِ، وَيَقُولُ لَهُ إِنْ بَيَّنْتَ مَا تَصِحُّ بِهِ شَهَادَتُكَ سَمِعْتُهَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ الشَّاهِدَ عَلَى الشَّهَادَةِ إِذَا تَوَقَّفَ عَنْهَا وَلَا يَبْعَثُهُ عَلَى التَّوَقُّفِ عَنْهَا إِذَا بَادَرَ إِلَيْهَا إِلَّا فِي الْحُدُودِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبَهَاتِ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ بِالتَّوَقُّفِ عَنْهَا، كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فِي الشُّهُودِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بِالزِّنَا حَتَّى تَوَقَّفَ زِيَادٌ فَدَرَأَ بِهِ الْحَدَّ عَنِ الْمُغِيرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>