للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ ذِكْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الدَّعْوَى، وَإِنْ جَازَ إِطْلَاقًا فِي الْأَثْمَانِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّ زَمَانَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الْأَثْمَانِ بِالْغَالِبِ مِنَ النُّقُودِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَانِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي الدَّعْوَى مَشْرُوطًا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى قَائِمَةً فَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ حَاضِرَةً فَتَصِحُّ الدَّعْوَى لَهَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهَا، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الصِّفَةِ.

وَلَفْظُ الدَّعْوَى: أَنْ يَقُولَ: لِي فِي يَدِهِ هَذَا الْعَبْدُ، أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ. فَإِنْ قَالَ: لِي عِنْدَهُ، جَازَ. وَإِنْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ، جَازَ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ غَائِبَةً فَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تُضْبَطَ بِالصِّفَةِ، كَالْحُبُوبِ، وَالْأَدْهَانِ، مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَيَصِفُهَا، وَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُسْتَحَقُّ فِي ذِي الْمِثْلِ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُضْبَطُ بِالصِّفَةِ وَلَيْسَ بِذِي مِثْلٍ، كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ، لَزِمَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ أَوْصَافِهِ، وَيَسْتَظْهِرَ بِذِكْرِ قِيمَتِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَسْتَحِقَّهَا مَعَ التَّلَفِ، فَإِنْ أَغْفَلَ الْقِيمَةَ جَازَ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ مِمَّا لَا تُضْبَطُ بِالصِّفَةِ كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْجَوْهَرِ، فَعَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْأَلْوَانِ ذَكَرَ اللَّوْنَ، ثُمَّ حَرَّرَ الدَّعْوَى وَنَفَى الْجَهَالَةَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إِلَّا بِهَا.

فَهَذَا شَرْحُ مَا تَصِيرُ الدَّعْوَى بِهِ مَعْلُومَةً يَصِحُّ سَمَاعُهَا وَالسُّؤَالُ عَنْهَا فَإِنْ قَصَّرَ فِيهَا الْمُدَّعِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ عَمَّا قَصَّرَ فِيهِ وَلَا يَبْتَدِئُهُ بِالتَّعْلِيمِ.

فَإِنْ عَلَّمَهُ تَحْرِيرَ الدَّعْوَى فَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِنَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْلِمَهُ احْتِجَاجًا وَلَا يُلَقِّنَهُ إِقْرَارًا، وَإِنْكَارًا، فَهَذَا حُكْمُ الدَّعْوَى.

(فَصْلٌ)

: وَالْفَصْلُ الثَّانِي فِي سُؤَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَالْأَوْلَى فِيهِ أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِي الْقَاضِيَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ دَعْوَاهُ مُطَالَبَةَ خَصْمِهِ بِمَا ادعاه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>