للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّقِّ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ جَارٍ مَجْرَى النَّسَبِ فِي الْمِيرَاثِ، فَخَرَجَ عَنْ أَحْكَامِ الرِّقِّ فِي النَّقْضِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ بِحَالٍ، سَوَاءٌ رَاهَقَ أَوْ لَمْ يُرَاهِقْ، وَسَوَاءٌ حُكِمَ بِصِحَّةِ إِسْلَامِهِ، أَوْ لَمْ يُحْكَمْ، فَإِنْ بَلَغَ الِاحْتِلَامَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السِّنِّ قُبِلَ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَلَغَ بِاسْتِكْمَالِ السِّنِّ قُبِلَ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالِغًا، فَلَمْ يُعْتَبَرِ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُسْلِمٍ، وَلَا عَلَيْهِ فِي وَصِيَّةٍ، وَلَا غَيْرِهَا، فِي سِفْرٍ كَانَ أَوْ حَضَرٍ.

وَحُكِيَ عَنْ دَاوُدَ: أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي وَصِيَّتِهِ، فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ.

وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعِكْرِمَةُ. فَأَمَّا قَبُولُ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، وَعَلَى بَعْضٍ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي جَوَازِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِحَالٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ مِلَلُهُمْ أَوِ اخْتَلَفَتْ.

وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ إِنَّ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ مَقْبُولَةٌ مَعَ اتِّفَاقِ مِلَلِهِمْ وَاخْتِلَافِهَا، وَبِهِ قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقُضَاةُ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ، وَسَوَّارٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ إِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَهْلِ مِلَّتِهِمْ وَعَلَيْهِمْ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ كَالْيَهُودِ عَلَى النَّصَارَى، وَالنَّصَارَى عَلَى الْيَهُودِ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ غَيْرِ دِينِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَجَعَلَهُ دَاوُدُ مَقْصُورًا عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَجَعَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مَقْصُورًا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَجَعَلَهُ الزُّهْرِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ مَقْصُورًا عَلَى الْمُوافِقِينَ فِي الْمِلَّةِ دُونَ الْمُخَالِفِينَ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَجَازَ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ " قَالُوا: وَهَذَا نَصٌّ.

وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ جَاءَتِ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ " فَأَتَوْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>