للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: أَنْ يَحْلِفُوا جَمِيعًا مَعَ شَاهِدٍ مِنْهُمْ، فَيَسْتَحِقُّوا بِأَيْمَانِهِمْ مَعَ شَاهِدٍ مِنْهُمْ مَا ادَّعُوهُ مِنَ الدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ الْأَمْوَالِ الْمَحْكُومِ فِيهَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَيَكُونُ الدَّيْنُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ. فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَلَا يَخْلُو حَالُهُمْ فِيهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَدَّعُوا أَنَّ مَيِّتَهُمْ قَبِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَتَكُونَ الْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، لِأَنَّ مَيِّتَهُمْ قَدْ مَلَكَهَا بِقَبُولِهِ، فَصَارَتْ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ الْمَوْرُوثَةِ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَأَنَّهُمُ الْقَابِلُونَ لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَفِي كَيْفِيَّةِ اسْتِحْقَاقِهِمْ لَهَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ لِأَنَّ مِنْ حُكْمِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَتَسَاوَى فِيهَا أَهْلُ الْوَصَايَا، فَيَكُونَ لِلْوَارِثِينَ عَنْ مَيِّتِهِمْ حَقُّهُ مِنَ الْقَبُولِ، فَيَصِيرُوا هُمُ الْمَالِكِينَ لَهَا بِالْقَبُولِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَدْخُلَ فِي مِلْكِ مَيِّتِهِمْ. فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى أبيهم دين لم يقض منهما.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْقَبُولُ يُبْنَى عَلَى مِلْكٍ سَابِقٍ، مِنْ حِينِ مَاتَ الْمُوصِي فَيَكُونُ قَبُولُهُمْ موجبا لدخولها في ملك ميتهم، ثم ملوكها عَنْهُ بِالْمِيرَاثِ فَصَارُوا فِيهَا عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيهِمْ دَيْنٌ قُضِيَ مِنْهَا.

(فَصْلٌ)

: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَمْتَنِعُوا جَمِيعًا مِنَ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ مِنْهُمْ، فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدُهُمْ مِنَ الدَّيْنَ وَالْوَصِيَّةِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا اسْتَحَقُّوا النِّصْفَ، لِأَنَّ لَهُمْ نِصْفَ الْبَيِّنَةِ، قِيلَ: الْبَيِّنَةُ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْحَقِّ لَا يُسْتَحَقُّ إِلَّا بِكَمَالِ الْبَيِّنَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ بَعْضَهُ بِبَعْضِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ مَاتَ الْوَرَثَةُ وَأَرَادَ وَرَثَتُهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ شَاهِدِهِمْ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ، لِنُكُولِهِمْ عَنْهَا، فَلَا يَجُوزُ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ، لِأَنَّهُمْ قَدْ أَسْقَطُوا حُقُوقَهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ بِنُكُولِهِمْ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا قَدْ تَوَقَّفُوا عَنِ الْأَيْمَانِ لِيَحْلِفُوا بِهَا مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ عَنْهَا، فَيَجُوزُ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ، وَيَسْتَحِقُّوا مَا كَانَ لَهُمْ لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ لَمْ تَسْقُطْ بِالتَّوَقُّفِ، إِنَّمَا تَسْقُطُ بِالنُّكُولِ، وَلَيْسَ التَّوَقُّفُ نُكُولًا.

(فَصْلٌ)

: وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْلِفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَيَنْكُلَ بَعْضُهُمْ، فَيُحْكَمَ لِمَنْ حَلَفَ بِحَقِّهِ مِنَ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ لِأَمْرَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>