للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَلٌ عَنِ الْآخَرِ يَكُونُ مُسْتَحِقُّهُ مُخَيَّرًا فِي أَحَدِهِمَا فَإِذَا امْتَنَعَ اسْتِحْقَاقُهُمَا، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهِمَا امْتَنَعَ وُجُوبُ أَحَدِهِمَا. وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ مَعْدُومَانِ فِي السَّرِقَةِ لِجَوَازِ ثُبُوتِ الْغُرْمِ دُونَ الْقَطْعِ، وَثُبُوتِ الْقَطْعِ دُونَ الْغُرْمِ.

وَقَدْ أَوْضَحَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمِثَالٍ ضَرَبَهُ فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ غَصَبَهُ عَلَيْهِ، فَحَلَفَ الْمُدَعَّى عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا غَصَبَهُ الْعَبْدَ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ أَقَامَ مُدَّعِي الْغَصْبِ شَاهِدَيْنِ حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ، وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ، وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ فِي الطلاق والعتاق، ولأن الْغَصْبَ مَالٌ، وَالطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ لَيْسَا بِمَالٍ.

(فَصْلٌ)

: وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ إِذَا عَمَدَ الرامي بسهمه إِنْسَانًا، فَأَصَابَهُ، وَنَفَذَ السَّهْمُ مِنَ الْأَوَّلِ إِلَى آخَرَ، فَأَصَابَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقَوَدَ. وَالثَّانِي خَطَأٌ يُوجِبُ الدِّيَةَ دُونَ الْقَوَدِ.

فَإِنِ ادُّعِيَتْ هَذِهِ الْجِنَايَةُ عَلَى إِنْسَانٍ فَأَنْكَرَهَا، وَأَقَامَ مُدَّعِيهَا شَاهِدًا وَيَمِينًا، فَإِنْ كَانَ الْعَمْدُ مِمَّا يَسْقُطُ فِيهِ الْقَوَدُ، لِأَنَّهُ مِنْ وَالِدٍ عَلَى وَلَدٍ، وَمِنْ حُرٍّ عَلَى عَبْدٍ أَوْ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ ثَبَتَتِ الْجِنَايَتَانِ مَعًا، بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ دُونَ الْقَوَدِ، فَإِنْ كَانَ الْعَمْدُ مُوجِبًا لِلْقَوَدِ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْعَمْدِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَفِي وُجُوبِ الْخَطَأِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُهُ، لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمَالِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُهُ، لِأَنَّهُ حَدَثَ عَنْ عَمْدٍ سَقَطَ حُكْمُهُ، فَسَقَطَ بِهِ حُكْمُ مَا حَدَثَ عَنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِجَوَازِ انْفِرَادِ كُلِّ واحد منهما بحكمه.

[(مسألة)]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ وَابْنَهَا وَلَدٌ مِنْهُ حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِالْجَارِيَةِ وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مَمْلُوكَةٌ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالابْنِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَأْخُذُهَا وَوَلَدَهَا ويكون ابنه (قال المزني) رحمه الله: وهذا أشبه بقوله الآتي لَمْ يختلف وَهُوَ قَوْلُهُ لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ يَسْتَرِقُّهُ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ غَصَبَهُ هَذَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ وَكَانَ مَوْلًى لَهُ (قال المزني) رحمه الله: فهو لا يأخذه

<<  <  ج: ص:  >  >>