للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، وَالِائْتِمَامُ الِاتِّبَاعُ، وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى إِمَامِهِ لَا يَكُونُ تَابِعًا بَلْ يَكُونُ مَتْبُوعًا، وَلِأَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ اتِّبَاعَ إِمَامِهِ في موقفه وأفعاله، فلما لم لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فِي إِحْرَامِهِ وأفعاله صَلَاتِهِ لَمْ يَجُزْ لْهُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فِي مَوْقِفِ صَلَاتِهِ

وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِهَا

وَالثَّانِي: فِي غَيْرِ مَسْجِدِهَا فِي مَنَازِلِهَا، فَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ مَسْجِدِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصَلِّي فِي غَيْرِهَا، وَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ إِذَا تَقَدَّمَ عَلَى إِمَامِهِ قَوْلَانِ كَمَا مَضَى، وَإِنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِهَا فَالسُّنَّةُ أَنْ يَسْتَدِيرَ النَّاسُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَرَاءَ الْإِمَامِ وَتُجَاهَهُ، وَيَكُونُ مَوْقِفُ الْإِمَامِ عِنْدَ الْمَقَامِ مُسْتَقْبِلًا لِبَابِ الْكَعْبَةِ، مُسْتَدْبِرًا لِبَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَإِنْ وَقَفَ مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ أَجْزَأَهُ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَقْرَبَ إِلَى الْكَعْبَةِ مِنَ الْمَأْمُومِينَ فإن كان الإمام منها على النحو الذراع تأخر المأمومين نَحْوَ الذِّرَاعَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ هَذَا الَّذِينَ هُمْ وَرَاءَ الْإِمَامِ كَانَ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ قَوْلَانِ كَمَا مَضَى، وَإِنْ فَعَلَهُ الَّذِينَ هُمْ فِي مُقَابَلَتِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " إِنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ، وَقَالَ فِي " الْجَامِعِ ": إِذَا تَوَجَّهَ الْإِمَامُ إِلَى الْكَعْبَةِ فَائْتَمَّ بِهِ قَوْمٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَقْرَبُ إِلَيْهَا مِنَ الْإِمَامِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: قال أَبُو إِسْحَاقَ إِنَّ فِي صَلَاتِهِمْ قَوْلَيْنِ كَمَا مَضَى، وَحُمِلَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَحَدِهِمَا

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ إِنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا اسْتِعْمَالًا لِظَاهِرِ نَصِّهِ؛ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا إِلَى الْبَيْتِ أَقْرَبُ مِنَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَوْصُوفِينَ بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَمُحَاذَاتِهِ وَغَيْرُهُمْ إِذَا كَانَ إِلَى الْقِبْلَةِ أَقْرَبَ صَارَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ، فَخَرَجَ بِالتَّقَدُّمِ مِنَ اتِّبَاعِهِ، وَسَرَى ذَلِكَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ

وَالْفَرْقُ الثَّانِي: إِنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إِلَى الْبَيْتِ مِنَ الْإِمَامِ فَيُمْكِنُهُمْ مُشَاهَدَةُ أَفْعَالِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَغَيْرُهُمْ إِذَا تَقَدَّمَ إِمَامَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِهِ، وَلَا عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهِ، فَافْتَرَقَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَبُطْلَانِهَا

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا سَبَقَ الْمَأْمُومُ إِمَامَهُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَرَكَعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَسَجَدَ قَبْلَ سُجُودِهِ

فَإِنْ سَبَقَهُ قَاصِدًا لِمُخَالَفَتِهِ مُعْتَقِدًا إِخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ إِمَامَتِهِ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>