للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يَنْتَقِلُ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ مُسْتَحَقًّا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى حِفْظِ الْوَقْفِ عَلَى الْبُطُونِ الْآتِيَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي مَا كَانَ الْأَخَوَانِ النَّاكِلَانِ بَاقِيَيْنِ اعْتِبَارًا بِشَرْطِ الْوَقْفِ فِي تَرْتِيبِ الْبُطُونِ.

فَعَلَى هَذَا فِي مَصْرِفِهِ إِلَى انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ، فَيُرَدُّ عَلَى الْبَطْنِ الثَّانِي بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُصْرَفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْوَاقِفِ، وَيَكُونُ الْأَخَوَانِ النَّاكِلَانِ وَهُمَا مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِ وَمَنْ فِي دَرَجَتِهِمَا مِنَ الْأَقَارِبِ فِيهِ سَوَاءٌ.

فَإِذَا مَاتَ الْأَخَوَانِ انْتَقَلَ جَمِيعُ هَذَا النَّصِيبِ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ، لِإِفْضَاءِ الْوَقْفِ إِلَيْهِمْ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ.

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ الثَّلَاثَةُ عِنْدَ ادِّعَاءِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ هُمْ وَرَثَةَ الْوَاقِفِ، وَلَا يُشْرِكُهُمْ غَيْرُهُمْ، صَارَتِ الدَّارُ وَقْفًا عَلَيْهِمْ بِإِقْرَارِهِمْ، لَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ عَنْهُمْ إِلَى الْبَطْنِ الثَّانِي، وَمَا يَلِيهِ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا صَارَ لِلْأَوَّلِ بِغَيْرِ يَمِينٍ.

فَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَاقِفِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِالْوَقْفِ، فَإِنْ قَضَوْهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ خَلَصَ الْوَقْفُ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْضُوهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِإِسْقَاطِ الدُّيُونِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَنُظِرَ:

فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ فِي الْمَرَضِ بَطَلَ، لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ تَبْطُلُ بِاسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ، وَلَا يَكُونُ لِبَيِّنَتِهِمْ تَأْثِيرٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُمْ، وَثَبَتَ الْوَقْفُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَاهُ؛ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ فِي الصِّحَّةِ، فَلَمْ تُرَدَّ بِالدُّيُونِ، وَإِنْ عُدِمَتِ الْبَيِّنَةُ حَلَفَ أَرْبَابُ الدُّيُونِ عَلَى إِبْطَالِ الْوَقْفِ، فَكَانَ مَصْرُوفًا فِي دُيُونِهِمْ، فَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنْ حَلَفُوا ثَبَتَ الْوَقْفُ، وَإِنْ نَكَلُوا صَرَفَهُ فِي أَرْبَابِ الدُّيُونِ.

وَلَوْ كَانَتِ الدَّارُ الَّتِي أَقَرُّوا بِوَقْفِهَا مَغْصُوبَةً فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ قَضَى لَهُمْ عَلَى الْغَاصِبِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ الْغَصْبَ يُسْتَحَقُّ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَالْغُصُوبُ تَتَوَجَّهُ إِلَى الْوَقْفِ كَمَا تَتَوَجَّهُ إِلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، فَإِذَا أُزِيلَتْ يَدُ الْغَاصِبِ عَنْهُ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَغْصُوبًا.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي فِي ادِّعَاءِ الْوَقْفِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُمْ وَارِثُهُ فَالدَّارُ وَقْفٌ عَلَيْهِمْ، وَتَنْتَقِلُ عَنْهُمْ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْبُطُونِ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِمَصِيرِهَا إِلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ أَكْذَبَهُمُ الْوَارِثُ، وَأَقَامُوا شَاهِدًا لِيَحْلِفُوا مَعَهُ كَانَ حُكْمُهُمْ فِيهَا كَحُكْمِهِمْ لَوِ ادَّعَوْهَا وَقْفًا مِنْ أَبِيهِمْ إِلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>