للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٍ وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مَعَ إِمَامِهِ فِي جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ وَرَاءَهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِصَلَاةِ إِمَامِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ عَلَيْهِ اتِّبَاعَهُ فِي أَفْعَالِهِ، وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِهَا يَمْنَعُ مِنَ اتِّبَاعِهِ فِيهَا، فَلَوْ صَلَّى الْمَأْمُومُ فِي رِحَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ مُصْطَفًّا بِهِ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ، وَكَانَ عَالِمًا بصلاة إمامه فصلاته جائزة؛ لما رُوِيَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَلَّى عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلِأَنَّ سَطْحَ الْمَسْجِدِ وَرِحَابَهُ كَالْمَسْجِدِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْجُنُبَ مَمْنُوعٌ مِنَ اللُّبْثِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ

(فَصْلٌ)

: وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَالْمَأْمُومُ فِي أَرْضِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى عُلُوٍّ مِنَ الْأَرْضِ لِيُعْلِمَ الْمَأْمُومِينَ أَفْعَالَ الصَّلَاةِ كَانَ جَائِزًا مُسْتَحَبًّا، وَصَلَاةُ جَمَاعَتِهِمْ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ تَعْلِيمَهُمْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ وَإِيَّاهُمْ عَلَى سَطْحِ الْأَرْضِ سَوَاءً

وَكَرِهَ أبو حنيفة وَمَالِكٌ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْلُوَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ تَعَلُّقًا بِرِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ [هَمَّامٍ] قَالَ: صَلَّى بِنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ فَصَعِدَ دِكَّةً فَجَذَبَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ حَتَّى أَنْزَلَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ قال له بان مَسْعُودٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ مَا قَبِلْتُ مِنْكَ

وَدَلِيلُنَا رواية أبي حازم عن سهل بن السَّاعِدِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَرَكَعَ وَرَفَعَ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى حتى نزل فسجد ثم رقا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ قَالَ: إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي ". وَيُحْمَلُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْلِيمَ مَنْ خَلْفَهُ بَلْ هو الظاهر لأنهم صحابة وَقَدْ عَلِمُوا الصَّلَاةَ مِثْلَ عِلْمِهِ

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنْ صَلَّى قُرْبَ الْمَسْجِدِ، وَقُرْبُهُ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ مِنْ أَنْ يَتَّصِلَ بِشَيْءٍ بِالْمَسْجِدِ، لَا حَائِلَ دُونَهُ فَيُصَلِّي مُنْقَطِعًا عَنِ الْمَسْجِدِ أَوْ فِنَائِهِ عَلَى قَدْرِ مِائَتَيْ ذراعٍ أَوْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ قَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ الْمَأْمُومِ إِذَا صَلَّى مَعَ إِمَامِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَالِاعْتِبَارُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ بثلاثة شرائط:

أحدهما: الْعِلْمُ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِهَا مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مَضَتْ

وَالثَّانِي: الْقُرْبُ وَأَبْعَدُهُ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ بِثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ نَحْوِهَا وَذَلِكَ أَبْعَدُ رَمْيَةِ سَهْمٍ، وَغَلِطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فجعل الثلاث مائة ذِرَاعٍ حَدًّا، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ ذَلِكَ تَقْرِيبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>