للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا الْمَكَانُ، فَيُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِ الْبِقَاعِ مِنَ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ، فَبَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ، وَتُصَانُ الْكَعْبَةُ عَنْهُ.

وَأَمَّا الْحِجْرُ، فَقَدْ أَحْلَفَ عُمَرُ أَهْلَ الْقَسَامَةِ فِيهِ، وَلَوْ صِينَ عَنْهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَيْتِ.

وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَفِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلَى مِنْبَرِهِ، كَمَا أَحْلَفَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، لَا عَلَيْهِ، لِأَنَّ عُلُوَّ الْمِنْبَرِ تَشْرِيفٌ يُصَانُ عَنْ مَأْثَمِ الْأَيْمَانِ، لَكِنْ يَرْقَى عَلَيْهِ الحاكم المستخلف، لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَاتِ، وَلَا يَرْقَى عَلَيْهِ الطَّالِبُ إِلَّا أَنْ يَرْقَى عَلَيْهِ الْحَالِفُ، لِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.

وَإِنْ كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَفِي مَسْجِدِهَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ، لِأَنَّهَا أَشْرَفُ بِقَاعِهِ، وَيُسْتَحْلَفُ قَائِمًا، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ، لِأَنَّ الْمَنَابِرَ مَقَامَاتُ الْوُقُوفُ فِي الْوُلَاةِ، فَكَانَ فِي الِاسْتِحْلَافِ أَوْلَى، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ الْمُسْتَحْلِفُ جَالِسًا عِنْدَ قِيَامِ الْحَاكِمِ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمَزْجُورُ دُونَ الْمُسْتَحْلَفِ.

فَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إِذَا تَغَلَّظَتْ عَلَيْهِمُ الْأَيْمَانُ، فَفِي كَنَائِسِهِمْ، وَبِيَعِهِمْ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَشْرَفَ الْبِقَاعِ عِنْدَنَا، فَهِيَ أَشْرَفُهَا عِنْدَهُمْ، وَهُمُ الْمَزْجُورُونَ بِهَا، فَاعْتَبَرْنَا مَا هُوَ أَشْرَفُ فِي مُعْتَقَدِهِمْ لَا فِي مُعْتَقَدِنَا.

وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ، فَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ [لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي قَوْله تَعَالَى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ} [المائدة: ١٠٦] أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ] وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ، وَتُجَابُ فِيهِ الدَّعَوَاتُ.

فَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَبَعْدَ صَلَاتِهِمُ الَّتِي يَرَوْنَهَا أَعْظَمَ صَلَوَاتِهِمْ.

وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِالْعَدَدِ فَفِي الْحُقُوقِ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا الْعَدَدُ، وَهِيَ الدِّمَاءُ: تُغَلَّظُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا، وَفِي اللِّعَانِ بِخَمْسَةِ أَيْمَانٍ.

وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِاللَّفْظِ: فَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعُرْفِ الْمَأْلُوفِ فِي لَغْوِ الْيَمِينِ، مَا يَكُونُ أَزْجَرَ وَأَرْدَعَ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي صِفَةِ الْيَمِينِ. وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِالْوَعْظِ، فَيَكُونُ قَبْلَ الْيَمِينِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>