للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُمِعَتْ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأُجْرَةَ، فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْغَصْبِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ دُونَ الْعَيْنِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ هَذَا الِابْنُ وَارِثًا، وَلَا يَكُونُ قَاتِلًا، وَلَا كَافِرًا، فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ سُمِعَتِ الدَّعْوَى عَلَى مَنْ يَرِثُهُ.

فَإِذَا تَكَامَلَتْ شُرُوطُ سَمَاعِهَا كَانَ جَوَابُ إِنْكَارِهِ وَشُرُوطُ يَمِينِهِ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي ادِّعَائِهَا فِي يَدِهِ إِلَّا فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُقْتَنَعُ مِنْهُ فِي جَوَازِ إِنْكَارِهِ أَنْ يَقُولَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْتَحِقُّهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَوْ كَانَتِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، لَمْ يُقْتَنَعْ مِنْهُ إِلَّا بِالْقَطْعِ أَنْ يَقُولَ: لَا تَسْتَحِقُّهَا وَلَا شَيْئًا مِنْهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ، فَيَقُولَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْتَحِقُّهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، لِأَنَّ مَا نَفَاهُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ، لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى الْقَطْعِ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ فَحُمِلَ إِنْكَارُهُ وَيَمِينُهُ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ.

(فَصْلٌ)

: وَأما الضَّرْبُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ أَبِيهِ، فَسَمَاعُ هَذِهِ الدَّعْوَى مُعْتَبَرٌ بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الشَّرَائِطِ الثَّلَاثَةِ: أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مَيِّتًا وَأَنْ يَكُونَ هُوَ وَارِثًا، وَأَنْ يُخَلِّفَ أَبُوهُ تَرِكَةً.

فَإِنْ مَاتَ مُعْدِمًا لَمْ تُسْمَعِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَبِ دُونَهُ، فَإِذَا تَكَامَلَتْ وَأَنْكَرَهَا كَانَ إِنْكَارُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، فَيَقُولُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ عَلَى أَبِي هَذِهِ الْأَلْفَ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، فَإِنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ عَلَى أَبِي حَقًّا أَجْزَأَ، وَلَوْ أَنْكَرَ قَطْعًا، فَقَالَ: لَيْسَ لَكَ عَلَى أَبِي حَقٌّ كَانَ أَبْلَغَ فِي لَفْظِ الْإِنْكَارِ، وَإِنْ كَانَ مَحْمُولًا فِي الْمَعْنَى عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ثُمَّ يَكُونُ يَمِينُهُ بَعْدَ إِنْكَارِهِ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ بِحَسَبَ إِنْكَارِهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ عَلَى أَبِي هَذِهِ الْأَلْفَ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَنَّ لَكَ عَلَى أَبِي حَقًّا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ سَقَطَتِ الدَّعْوَى بِيَمِينِهِ، وَزَالَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ أُحْلِفَ بِمِثْلِ يَمِينِهِ إِذَا أَنْكَرَ كَإِنْكَارِهِ، وَسَوَاءٌ قَلَّ سَهْمُهُ أَوْ كَثُرَ.

فَإِنْ أَنْكَرَ أَحَدُ الْوَارِثِينَ، وَاعْتَرَفَ الْآخَرُ أُلْزِمَ الْمُنْكِرُ حُكْمَ إِنْكَارِهِ، وَأُلْزِمَ الْمُعْتَرِفُ حُكْمَ اعْتِرَافِهِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ جَمِيعِ الدَّيْنِ أَوْ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَضَيَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ.

فَإِنْ شَهِدَ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُنْكَرِ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إِنْ أُلْزِمَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، وَقُبِلَتْ إِنْ أُلْزِمَ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>