للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذَا حُكْمٌ اليمين عَلَى النَّفْيِ، وَإِنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِي الْإِنْكَارِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الْيَمِينُ عَلَى الْإِثْبَاتِ، فَمُسْتَحَقُّهُ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:

أَحَدُهَا: فِي الدِّمَاءِ مَعَ اللَّوْثِ، وَقَدْ مَضَتْ فِي الْقَسَامَةِ.

وَالثَّانِي: يَمِينُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ: الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْقَائِمَةُ مَقَامَ شَاهِدٍ.

فَأَمَّا يَمِينُ الرَّدِّ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: فِي يَمِينٍ، وَدَيْنٍ.

فَأَمَّا الْيَمِينُ فِي الْعَيْنِ فَعَلَى ضربين:

أحدهما: أنه يدعيها لنفسها.

وَالثَّانِي: لِأَبِيهِ.

فَإِنِ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ كَادِّعَائِهِ مِلْكَ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ فِي يَدِ مُنْكِرٍ نَاكِلٍ، فَيَحْلِفُ بِاللَّهِ: إِنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي فِي مِلْكِي، لَا حَقَّ فِيهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ احْتِيَاطٌ وَتَأْكِيدٌ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ حَلَفَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي أَجْزَأَتْ.

وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ وَاقْتَصَرَ عَلَى إِنَّهَا مِلْكِي أَجْزَأَ، وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّهَا لِي. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ لَمْ تُجْزِهِ، وَلَمْ يَصِرْ بِيَمِينِهِ مَالِكًا لَهَا، لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي يَدِهِ مِلْكًا لِغَيْرِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَلَوِ ادَّعَاهَا لِأَبِيهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ مَيِّتًا، فَإِنْ كَانَ حَيًّا لَمْ تُسْمَعْ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ وَارِثًا، فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ، لِكَوْنِهِ قاتلا أو كافرا لم تسمع.

فإذا استكملت الشَّرْطَيْنِ جَازَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ بِاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِأَبِيهِ، وَعَلَى مِلْكِهِ، إِلَى أَنْ مَاتَ عَنْهَا لَا حَقَّ فِيهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ، وَلَوْ لَمْ يَقِلْ: إِلَى أَنْ مَاتَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَحْوَطَ، لِأَنَّهُ إِذَا أَثْبَتَ مِلْكَ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَدْ أَثْبَتَ مِلْكَهُ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ. فَإِذَا حَلَفَ جَرَى عَلَيْهَا مِلْكُ أَبِيهِ، وَانْتَقَلَتْ إِلَيْهِ مِيرَاثًا، وَقَضَى مِنْهَا دُيُونَهُ، وَنَفَّذَ مِنْهَا وَصَايَاهُ.

فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَسْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مَالًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ؟ فَلِمَ قُلْتُمْ: الْأَبُ مَالِكٌ بِيَمِينِ ابْنِهِ؟

قِيلَ: لِأَنَّ الِابْنَ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَبِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِلْكِ، فَقَامَ مَقَامَهُ فِي إِثْبَاتِهِ بِالْيَمِينِ، كَمَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى مَا ابْتَاعَهُ لِمُوكِّلِهِ، وَيَحْلِفُ الْعَبْدُ عَلَى مَا ابْتَاعَهُ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>