للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ. فَإِنْ نَكَلَ هَذَا الِابْنُ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ، وَأَجَابَ إِلَيْهَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا نُظِرَ: فَإِنِ اتَّسَعَتِ التَّرِكَةُ لِقَضَاءِ دُيُونِهِمْ وَوَصَايَاهُمْ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْلِفُوا. وَإِنْ ضَاقَتِ التَّرِكَةُ عَنْ دُيُونِهِمْ وَوَصَايَاهُمْ، فَفِي جَوَازِ إِحْلَافِهِمْ عَلَيْهَا قَوْلَانِ مَضَيَا. فَإِذَا أُحْلِفُوا ثَبَتَ مِنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ بِقَدْرِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا، وَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَيْهَا عَلَى مِلْكٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لَا يَمْلِكُهُ الْوَرَثَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ بَعْضٌ الْوَرَثَةِ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ حَقَّ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقُّ غَيْرِهِ مِنَ الْوَرَثَةِ.

وَأَمَّا الْيَمِينُ فِي الدَّيْنِ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِنَفْسِهِ.

وَالثَّانِي: لِأَبِيهِ.

فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَهُ كَادِّعَائِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا لَهُ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُطْلِقَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَهَا.

فَإِنْ أَطْلَقَهَا حَلَفَ يَمِينًا عَلَى إِثْبَاتِهَا، وَنَفَى مَا يُسْقِطُهَا، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنَّ لِي عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَا قَبَضْتُهَا، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا، وَلَا قُبِضَتْ لِي، وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا، وَلَا أَحَلْتُ بِهَا، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا أَبْرَأْتُهُ مِنْهَا، وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا وَجَبَ لَهُ عَلَيَّ مَا يَبْرَأُ بِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ قَدْ يَجْنِي عَلَيْهِ أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ، فَيَصِيرُ قِصَاصًا فِي قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الدُّيُونَ الْمُتَمَاثِلَةَ قِصَاصًا.

ثُمَّ يَقُولُ: وَإِنَّهَا لَثَابِتَةٌ عَلَيْهِ إِلَى وَقْتِي هَذَا، فَتَكُونُ يَمِينُهُ إِذَا اسْتُوفِيَتْ بِكَمَالِهَا مُشْتَمِلَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

أَحَدُهَا: إِثْبَاتُ اسْتِحْقَاقِهَا.

وَالثَّانِي: نَفْيُ سُقُوطِهَا.

وَالثَّالِثُ: بَقَاؤُهَا إِلَى وَقْتِ يَمِينِهِ.

فَأَمَّا إِثْبَاتُهَا بِالْيَمِينِ، فَمُسْتَحَقٌّ.

وَأَمَّا بَقَاؤُهَا إِلَى وَقْتِ الْيَمِينِ فَمُسْتَحَبٌّ.

وَأَمَّا نَفْيُ إِسْقَاطِهَا، فَفِيهِ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ:

أَحَدُهُمَا: مُسْتَحَقٌّ، لِأَنَّ ثُبُوتَهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ حُدُوثِ مَا يُسْقِطُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مُسْتَحَبٌّ، لِأَنَّ إِثْبَاتَهَا فِي الْحَالِ يَمْنَعُ مِنْ سُقُوطِهَا مِنْ قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>