للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةَ عَشَرَ، الْمُفَوَّضَةِ إِلَى الْكَعَابِ، وَمَا ضَاهَاهَا، فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ.

وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالْخَاتَمِ فَهُوَ حَدَسِيٌّ لَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ.

( [الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْغِنَاءِ] )

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ كَانَ يُدِيمُ الْغِنَاءَ وَيَغْشَاهُ الْمُغَنُّونُ مُعْلِنًا فَهَذَا سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَقِلُّ لَمْ تُرَدَّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي الْغِنَاءِ.

وَالثَّانِي: فِي أَصْوَاتِ الْمَلَاهِي.

وَأَمَّا الْغِنَاءُ، فَمِنَ الصَّوْتِ، مَمْدُودٌ وَمِنَ الْمَالِ مَقْصُورٌ، كَالْهَوَاءِ وَهُوَ مِنَ الْجَوِّ مَمْدُودٌ وَمِنْ هَوَى النَّفْسِ مَقْصُورٌ.

كَتَبَ إِلَيَّ أَخِي مِنَ الْبَصْرَةِ وَقَدِ اشْتَدَّ شَوْقُهُ لِلِقَائِي بِبَغْدَادَ شِعْرًا قَالَ فِيهِ:

(طِيبُ الْهَوَاءِ بِبَغْدَادٍ يُشَوِّقُنِي ... قِدْمًا إِلَيْهَا وَإِنْ عَاقَتْ مَقَادِيرُ)

(فَكَيْفَ صَبْرِي عَنْهَا الْآنَ إِذْ جَمَعَتْ ... طِيبَ الْهَوَاءَيْنِ مَمْدُودٌ وَمَقْصُورُ)

اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إِبَاحَةِ الْغِنَاءِ وَحَظْرِهِ، فَأَبَاحَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَحَظَرَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي أَصَحِّ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يُبِيحُوهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَمْ يَحْظُرُوهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَتَوَسَّطُوا فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَبَاحَهُ، بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ مَرَّ بِجَارِيَةٍ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ تُغَنِّي وَهِيَ تَقُولُ:

(هَلْ عَلَيَّ وَيْحَكُمَا ... إِنْ لَهَوْتُ مِنْ حَرَجِ)

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>