للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُؤْذِنَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ يَتَرَنَّمُ. فَقَالَ: أَسَمِعْتَنِي يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّا إِذَا خَلَوْنَا فِي مَنَازِلِنَا نَقُولُ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَكَانَ مِنْ زُهَّادِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأَجُمُّ قَلْبِي بِشَيْءٍ مِنَ الْبَاطِلِ لِأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى الْحَقِّ.

فَإِنْ قَرَنَ يَسِيرَ غِنَائِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَلَاهِي مِمَّا حَظَرْنَاهُ، نُظِرَ.

فَإِنْ خَرَجَ صَوْتُهُ عَنْ دَارِهِ حَتَّى يُسْمَعَ مِنْهَا، كَانَ سَفَهًا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ.

وَإِنْ خَافَتْ بِهِ وَلَمْ يُسْمَعْ، كَانَ عَفْوًا إِذَا قَلَّ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُغَنِّيَ إِذَا اجْتَمَعَ مَعَ إِخْوَتِهِ لِيَسْتَرْوِحُوا بِصَوْتِهِ وَلَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ عَلَيْهِ. وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أَجْرًا نُظِرَ:

فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِهِ يَدْعُوهُ النَّاسُ لِأَجْلِهِ. كَانَ سَفَهًا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ، وَلَا دَعَا النَّاسَ لِأَجْلِهِ، نُظِرَ.

فَإِنْ كَانَ مُتَظَاهِرًا بِهِ مُعْلِنًا لَهُ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. وَإِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا بِهِ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

( [الْقَوْلُ فِي شَهَادَةِ مُسْتَمِعِ الْغِنَاءِ] )

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا مُسْتَمِعُ الْغِنَاءِ. فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَصِيرَ منقطعا إليه، يدفع عليه حذرا وَيَتَّبِعُ فِيهِ أَهْلَ الْخُدُورِ فَهَذَا سَفِيهٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِلَّ اسْتِمَاعُهُ، وَيَسْمَعَهُ أَحْيَانًا فِي خَلْوَتِهِ اسْتِرْوَاحًا بِهِ فَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ إِذَا لَمْ يَقْصِدِ الِاسْتِمَاعَ غناء امْرَأَةٍ غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " رَوِّحُوا الْقُلُوبَ تَعِي الذِّكْرَ ".

وَالْحَالُ الثالثة: أن يتوسط بين المكثر والمقل نظر.

فَإِنِ اشْتُهِرَ بِهِ وَانْقَطَعَ بِهِ عَنْ أَشْغَالِهِ، صار سفهيا مَرْدُودَ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ وَلَا قَطَعَهُ عَنْ أَشْغَالِهِ، فَهُوَ عَلَى عَدَالَتِهِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا مُقْتَنِي الْمُغَنِّيِينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ مِنَ الْغِلْمَانِ وَالْجَوَارِي فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>