للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: عَنْ مَكَانِهِ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي السُّؤَالِ عَنْ حَالِ الزِّنَا.

فَيَسْأَلُ الْحَاكِمُ شُهُودَ الزِّنَا: عَنِ الزِّنَا؟

لِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ الشَّهْوَةِ بِالْإِنْزَالِ المحظور، قد يكون من أربعة أحوال:

أحدها: الزِّنَا بِامْرَأَةٍ، وَهُوَ صَرِيحُ الزِّنَا اسْمًا وَحُكْمًا، فَإِذَا قَالُوا: " زَنَى بِامْرَأَةٍ ". لَمْ يَسْمَعِ الْحَاكِمُ هَذَا مِنْهُمْ حَتَّى يَقُولُوا مَنِ الْمَرْأَةُ، لِأَنَّهَا رُبَّمَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، كَانَ وَطْؤُهَا حَلَالًا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ شُبْهَةٍ كَانَ وَطْؤُهَا مُشْتَبِهًا يَسْقُطُ فِيهِ الْحَدُّ، وَلَزِمَ بَيَانُهَا لِيَعْلَمَ أَنَّ وَطْأَهَا زِنًا، وَبَيَانُهَا يَكُونُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِمَّا أَنْ تُعَيَّنَ بِالتَّسْمِيَةِ لَهَا، أَوْ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهَا، فَيَصِيرُوا شَاهِدِينَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا.

وَإِمَّا أَنْ يُطْلِقُوا وَيَقُولُوا: زَنَا بِأَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُ، غَيْرِ مُسَمَّاةٍ وَلَا مُعَيَّنَةٍ، فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ دُونَهَا، وَلَا يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولُوا: وَطِئَهَا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ، لِأَنَّهَا مُعْتَقَدَةٌ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ، لاختصاصها بمعتقد الواطىء، فَإِنِ ادَّعَاهَا، قُبِلَتْ إِذَا أَمْكَنَتْ، وَلَا يَكُونُ الشُّهُودُ مَعَهَا قَذْفَةٌ.

وَهَكَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتَهُمْ حَتَّى يَذْكُرُوا الزَّانِيَ بِهَا مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. إِمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ فَيَصِيرُوا شَاهِدِينَ عَلَيْهِمَا بِالزِّنَا، وَإِمَّا أَنْ يُطْلِقُوا فَيَقُولُوا: زَنَى بِهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا، فَيَصِيرُوا شَاهِدِينَ عَلَيْهَا دُونَهُ.

(فَصْلٌ)

: وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: اللِّوَاطُ.

فَيَقُولُوا: تَلَوَّطَ بِغُلَامٍ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا حَدَّ فِيهِ:

وَعِنْدَنَا أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ وَاجِبٌ وَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَحَدِّ الزِّنَا، وَهُوَ جَلْدُ مِائَةٍ إِنْ كَانَا بِكْرَيْنِ وَالرَّجْمُ إِنْ كَانَا ثَيِّبَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ سَوَاءً كَانَا بِكْرَيْنِ أَوْ ثَيِّبَيْنِ. وَالتَّلُوطُ بِالْمَرْأَةِ كَالتَّلَوُّطِ بِالْغُلَامِ، يَكُونُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُوجِبًا لِحَدِّ الزِّنَا، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي مُوجِبًا لِلْقَتْلِ.

(فَصْلٌ)

: وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: إِتْيَانُ البهيمة. وفيه ثلاثة أقوال:

أحدهما: أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْقَتْلِ. لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ وَمَنْ أَتَاهَا ".

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ مُوجِبٌ لِحَدِّ الزِّنَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>