للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[( [باب الشهادة في الوصية] )]

[(مسألة)]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ لِعَبْدٍ أَنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى أَعْتَقَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ فِي وَصِيَّتِهِ وَشَهِدَ وَارِثَانِ لِعَبْدٍ غَيْرِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ فِي الِاثْنَيْنِ فَسَوَاءٌ وَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ قَالَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ هِيَ فِي الْعِتْقِ النَّاجِزِ فِي الْمَرَضِ، أَوِ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟

وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ يَحْتَمِلُ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّه قَالَ: وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ فِي وَصِيَّتِهِ، وَيَشْهَدُ وَارِثَانِ لعبد غيره أنه أعتقه وهو الثلث في وَصِيَّتِهِ، فَلَهُمْ فِي مُرَادِ الشَّافِعِيِّ تَأْوِيلَانِ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُمَا بِاخْتِلَافِ الْمُرَادِ بِهَا:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِنَّهَا مَقْصُورَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

فَيَشْهَدُ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّ الْمُتَوَفَّى وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ سَالِمٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ الثُّلُثُ. وَيَشْهَدُ وَارِثَانِ أَنَّهُ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِهِ غَانِمٍ وَهُوَ الثُّلُثُ، فَعَبَّرَ عَنِ الْعِتْقِ بِالْوَصِيَّةِ، لِأَنَّها وَصِيَّةٌ بِالْعِتْقِ. فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، لِأَنَّهُمَا لَا يَجُرَّانِ بِهَا نَفْعًا وَلَا يَدْفَعَانِ بِهَا ضَرَرًا، فَصَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُوجَبًا بِعِتْقِ عَبْدَيْنِ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ التَّرِكَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِهِمَا فِي الصِّحَّةِ أَوِ فِي الْمَرَضِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْآخَرِ فِي الْمَرَضِ، لِاسْتِوَاءِ الْوَصَايَا فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى تَبْعِيضِ الْعِتْقِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعْتِقُوا سَالِمًا إِنِ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا فَأَعْتَقُوا مِنْهُ قَدْرَ مَا احْتَمَلَهُ وأعتقوا غانما إن احتملوا الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَأَعْتِقُوا مِنْهُ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ صَارَ كَأَنَّهُ قَدْ وَصَّى بِعِتْقِ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهَاهُنَا يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>