للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ: وَأَنَا أَسْأَلُ الْقَاضِي، أَنْ يُلْزِمَهُ الْخُرُوجَ إِلَيَّ مِنْ حَقِّي عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى، لِأَنَّ الْمَقْصُودُ بِالتَّحَاكُمِ إِلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ خَبَرًا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ، لِأَنَّ شَاهِدَ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَاعْتُبِرَ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ ذِي مِثْلٍ، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الشَّرْعُ مَانِعًا مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْجَوْهَرِ، فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى عَيْنِهِ، لِأَنَّها لَا يَصِحُّ ثُبُوتُهَا فِي الذِّمَّةِ إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالدَّعْوَى ثُبُوتَ عِوَضِهَا، لِأَنَّها مَغْصُوبَةٌ، فَتَصِحُّ دَعْوَاهَا بِذِكْرِ قِيمَتِهَا، أَوْ تَكُونَ عَنْ سَلَمٍ فَاسِدٍ، فَتَكُونُ الدَّعْوَى بِرَدِّ ثَمَنِهَا، وَيَكُونُ ذِكْرُهَا إِخْبَارًا عَنِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِعِوَضِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَصِحَّ فِي الشَّرْعِ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ مَعْقُودًا عَلَى ثِيَابٍ، فَيَلْزَمُهُ فِي صِحَّةِ دَعْوَاهَا شَرْطَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصِفَهَا بِأَوْصَافِهَا الْمُسْتَحَقَّةِ فِي عَقْدِ السَّلَمِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهَا عَنْ عَقْدِ سَلَمٍ، يَذْكُرُ فِيهِ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ.

ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَهَا مَا يُوجِبُهُ مَقْصُودُ الدَّعْوَى فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عَنْ سَلَمٍ، لَمْ تَصِحَّ دَعْوَى أَعْيَانِهَا، لِأَنَّها قَدْ تَكُونُ مَغْصُوبَةً تُوجِبُ غُرْمَ قِيمَتِهَا، فَيَلْزَمُهُ مَعَ ذِكْرِ الصِّفَةِ أَنْ يَذْكُرَ الْقِيمَةَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْإِبِلُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الدِّيَةِ وَالْغُرَّةُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْجَنِينِ، فَلَا يَلْزَمْهُ صِفَتُهَا فِي دَعْوَاهُ، لِأَنَّ أَوْصَافَهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِالشَّرْعِ، وَصِحَّةِ الدَّعْوَى فِيهَا مُعْتَبَرَةٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهَا عَنْ جِنَايَةٍ يَصِفُهَا بِعَمْدٍ، أَوْ خَطَأٍ، لِاخْتِلَافِ صِفَاتِهَا بِالْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ، وَهِيَ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الْجَانِي فِي الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ مُسْتَحَقَّةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهَا عَلَى حُرٍّ، لِأَنَّ الْإِبِلَ لَا تُسْتَحَقُّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ، وَأَنَّ الْمُجْهِضَةَ لِجَنِينِهَا حُرَّةٌ، لِأَنَّ الْغُرَّةَ لَا تُسْتَحَقُّ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَذْكُرَ مَا وَصَفْنَا فِيهِ الْجِنَايَةَ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ جِرَاحٍ تَقَدَّرَتْ دِيَتُهُ بِالشَّرْعِ، كَالْمُوَضِّحَةِ، وَالْجَائِفَةِ، فَتَكُونُ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّعْوَى عَفْوًا عَنِ الْقِصَّاصِ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِيمَا لَا تَتَقَدَّرُ دِيَتُهُ بِالشَّرْعِ، كَانَتْ دَعْوَاهُ مَقْصُورَةً عَلَى وَصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>