للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَذْكُرَ مَا اسْتَضَرَّ بِهِ، لِأَنَّ مَقْصُودَ الدَّعْوَى لِيَكُونَ الْكَفُّ عَنْهُ مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِ، فَإِنِ اقْتَرَنَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ مَا يَكْمُلُ بِهِ جَمِيعُ الدَّعَاوَى، سَأَلَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَهُ في الجواب، عن دعوى هذه المعارضة، ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتَرِفَ بِجَمِيعِ مَا تضمنها فيمنعه الحاكم من معارضته.

والحال الثانية: أن ينكر المعارضة فيخلي سبيله، فلا يمين عليه لأن لا يتعلق بالمعارضة اسْتِحْقَاقُ غُرْمٍ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ يعارضه فِيهِ بِحَقٍّ يَصِفُهُ، فَيَصِيرُ مُدَّعِيًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيَصِيرُ الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ مُدَّعِيًا. فَهَذَا الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَإِنْ تَضَمَّنَتْ ضُرُوبًا أَغْفَلْنَاهَا اقْتِصَارًا وَتَعْوِيلًا بِهَا عَلَى اعْتِبَارِ مَا بَيَّنَاهُ.

(فَصْلٌ)

: وَأَمَّا الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا عَادَ فَسَادُهُ إِلَى الْمُدَّعِي.

وَالثَّانِي: مَا عَادَ فَسَادُهُ إِلَى الشَّيْءِ الْمُدَّعَى.

وَالثَّالِثُ: مَا عَادَ فَسَادُهُ إِلَى سَبَبِ الدَّعْوَى.

فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ فِي عَوْدِ فَسَادِهِ إِلَى الْمُدَّعِي، فَكَمُسْلِمٍ ادَّعَى نِكَاحَ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ حُرٍّ وَاجِدٍ الطَّوْلَ ادَّعَى نِكَاحَ أَمَةٍ، فَهَذِهِ دَعْوَى فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَجُوسِيَّةً، وَالْوَاجِدُ الطَّوْلِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً، فَبَطَلَتْ دَعْوَاهُ لِامْتِنَاعِ مَقْصُودِهَا فِي حَقِّهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَهَا مِنْهُ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: فِيمَا عَادَ فَسَادُهُ إِلَى الشَّيْءِ الْمُدَّعَى، فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَا تَقِرُّ عَلَيْهِ يَدٌ كَالْخَمْرِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالسِّبَاعِ الضَّارِيَةِ، وَالْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ،. فَدَعَوَاهُ فَاسِدَةٌ، لِوُجُوبِ رَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا فِي حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ، أَنْ يَسْمَعَهَا مِنْ كَافَّةِ النَّاسِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَدَّعِي مَا تَقَرُّ عَلَيْهِ اليد، ولا تصح العارضة عَنْهُ كَجُلُودِ الْمَيِّتَةِ، وَالسِّرَاجِينِ، وَالسِّمَادِ، وَالنَّجِسِ، وَالْكِلَابِ الْمُعَلَّمَةِ، تَقِرُّ عَلَيْهَا الْيَدُ لِلِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيِّتَةِ، إِذَا دُبِغَتْ، وَبِالسَّمَادِ، وَالسِّرَاجِينِ فِي الزُّرُوعِ، وَالشَّجَرِ، وَالْكِلَابِ فِي الصَّيْدِ، وَالْمَوَاشِي، وَاخْتُلِفَ فِي الْيَدِ عَلَيْهَا إِذَا كَانَتِ الْجُلُودُ مِنْ أَمْوَاتِ حَيَوَانٍ، وَالسِّرَاجِينُ مِنْ أَرْوَاثِ بَهَائِمِهِ، هَلْ تَكُونُ يَدُ مِلْكٍ أَوْ يَدِ انْتِفَاعٍ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: إِنَّهَا يَدُ انْتِفَاعٍ لَا يَدُ مِلْكٍ لخروجها عن معارضة الْأَمْلَاكِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِنَّهَا يَدُ مِلْكٍ لِأَنَّه أَحَقُّ بِهَا كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>