للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: بَيَانُ مَا هُوَ الْأَصَحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَأَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ إِسْقَاطُهُمَا، وَالْعَمَلُ بِمَا يُوجِبُهُ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى وَالْيَدِ، لِأَنَّه قَدْ أَبْطَلَ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ، إِنَّ اسْتِعْمَالَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ مَنْعٌ لِيَقِينِ الْخَطَأِ فِي إِعْطَاءِ أَحَدِهَا أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ، وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مَا لَيْسَ بِحَقِّهِ وَلِأَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا جَوَّابَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ شَنَّعَ مَعَ الْقَطْعِ بِتَكَاذُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ بِشَنْعٍ فِي جَوَازِ تَصَادُقِهِمَا، فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ فِي التَّكَاذُبِ وَلَا تَبْطُلُ مَعَ جَوَازِ التَّصَادُقِ.

وَالْجَوَابُ الثَّانِي: إِنَّهُ شَنَّعَ فِي الْبَاطِنِ، لِامْتِنَاعِهِ وَلَيْسَ بِشَنِعٍ فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّنَا نُبْطِلُ السَّبَبَ الْمُتَضَادَّ، وَنَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْمَالِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا أَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ وَيَتَوَلَى اللَّهُ السَّرَائِرَ ". فَمِنْ ثَمَّ أَبْطَلَ الْمُزَنِيُّ الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِيمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ مُطْلَّقَةٍ، قَدِ اشْتَبَهَتْ أَنَّهُ لَا قُرْعَةَ بَيْنَهُمَا. فَكَذَلِكَ بِأَنَّ مِثْلَهُ فِي إِبْطَالِ الْقُرْعَةِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلِأَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا جَوَابَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ أَبْطَلَ الْقُرْعَةَ فِي الزَّوْجَتَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ، لِأَنَّه قَدْ رَجَعَ فِي الزَّوْجَتَيْنِ إِلَى بَيَانِ الْوَرَثَةِ، وَفِي الْوَلَدَيْنِ إِلَى بَيَانِ اتِّفَاقِهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ دُخُولَ الْقُرْعَةِ فِي الزَّوْجَتَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ تَكُونُ فِي أَصْلِ الدَّعْوَى الَّتِي لَمْ يَرِدْ بِهَا شَرْعٌ، وَفِي الْبَيِّنَتَيْنِ فِيمَا وَرَدَ بِمِثْلِهِ الشَّرْعُ.

وَالْفَصْلُ الثَّانِي: أَنِ اخْتَارَ الْمُزَنِيُّ لِنَفْسِهِ اسْتِعْمَالَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَسْمَ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِتَكَافُئِهِمَا وَأَنْ لَا بَيَانَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ بَعْدَهُمَا فِيمَا أَمْكَنَ مِنْ صِدْقِهِمَا، أَوْ قُطِعَ فِيهِ بِتَكَاذُبِهِمَا، وَاسْتَشْهَدَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فِي الْمُتَنَازِعَيْنِ لِثَوْبٍ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ نَسْجُهُ فِي مِلْكِهِ إِنْ سَوَّى بَيْنِ مَا لَا يُنْتَجُ إِلَّا مَرَّةً، كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ، الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ بِتَكَاذُبِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَبَيْنَ مَا يَجُوزُ أَنَّ يُنْسَجَ مَرَّتَيْنِ كَالْخَزِّ، وَالدِّيبَاجِ، الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ التَّصَادُقُ، وَلِأَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا جَوَّابَانِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ لَا حُجَّةَ أَنْ يَحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَجُّ لِمَذْهَبِهِ بِأَمَارَاتِ الْأَدِلَّةِ.

وَالثَّانِي: إِنَّ قَصْدَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ من سماع الداخل فيما يتكرر نتجه، وَلَا يَتَكَرَّرُ رَدًّا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فِي فَرْقِهِ بَيْنَهُمَا بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ نَسْجُهُ وَرَدِّهَا فِيمَا لَا يَتَكَرَّرُ.

وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ: إِنْ أَوْرَدَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَسْأَلَةً فِيمَنْ مَاتَ عَنْ دَارٍ ادَّعَتْ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا، وَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا. وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: " لَيْسَ إِلَّا إِسْقَاطُ الْبَيِّنَتَيْنِ، أَوِ الْقُرْعَةُ " وَقَدْ أَبْطَلَ الْقُرْعَةَ، فَثَبَتَ إِسْقَاطُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِسْقَاطُ الْقُرْعَةِ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقَسَمِ وَلِأَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا جَوَابَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>