للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَبِ مُتَّفَقًا عَلَى مَوْتِهِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي وَقْتِ إِسْلَامِ الِابْنِ، أَوْ عِتْقِهِ، فَأَمَّا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ إِسْلَامِ الِابْنِ، أَوْ عِتْقِهِ، وَالْخِلَافُ فِي وَقْتِ مَوْتِ الْأَبِ.

فَقَالَ الِابْنُ أَسْلَمْتُ أَنَا، أَوْ أُعْتِقْتُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَمَاتَ أَبِي فِي شَوَّالٍ فَنَحْنُ شَرِيكَانِ فِي مِلْكِهِ.

وَقَالَ الْآخَرُ: صَدَقْتَ أَنَّكَ أَسْلَمْتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَكِنْ مَاتَ أَبُونَا فِي شَعْبَانَ.

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَخِ الَّذِي ادَّعَى حُدُوثَ مَوْتِ الْأَبِ فِي شَوَّالٍ، دُون مَنِ ادَّعَى تَقَدُّمَ مَوْتِ الْأَبِ فِي شَعْبَانَ.

وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ لِأَنَّه اسْتَصْحَبَ اسْتِدَامَةَ أَصْلٍ مَعْلُومٍ، هُوَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ حَتَّى يُعْلَمَ تَقَدُّمُ الْمَوْتِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ خَالَفْتَ هَذَا الْأَصْلَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَلْفُوفِ إِذَا ادَّعَى وَلَيُّهُ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَادَّعَى الْجَانِي أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا، جَعَلْتُمُ الْقَوْلَ قَوْلَ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَسْقَطْتُمْ قَوْلَ وَلِيِّهِ، فِي اسْتِصْحَابِ أَصْلِ الْحَيَاةِ؟ قِيلَ: بَيْنَهُمَا فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَرْقٌ وَإِنْ سَوَّيَا بَيْنَهُمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: إِنَّهُ قَدْ تَقَابَلَ فِي الْحَيَاةِ عَلَى الْمَلْفُوفِ أَصْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: اسْتِصْحَابُ حَيَاةِ الْمَلْفُوفِ.

وَالثَّانِي: اسْتِصْحَابُ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْجَانِي، فَجَازَ أَنْ يُغَلَّبَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْجَانِي، وَجَازَ أَنْ يُغَلَّبَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي بَقَاءُ حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ.

وَلَيْسَ فِي دَعْوَى مَوْتِ الْأَبِ، إِلَّا اسْتِصْحَابُ أَصْلٍ وَاحِدٍ هُوَ اسْتِدَامَةُ حَيَاتِهِ وَلَا يُقَابِلُهُ أَصْلٌ يُعَارِضُهُ، فَلِذَلِكَ كَانَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فِي اسْتِصْحَابِ الْحَيَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَتِ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ وَهِيِ مُسْلِمَةٌ زَوْجِي مُسْلِمٌ وَقَالَ وُلْدُهُ وَهُمْ كُفَّارٌ بَلْ كَافِرٌ وَقَالَ أَخُو الزَّوْجِ وَهُوَ مُسْلِمٌ بَلْ مُسْلِمٌ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَالْمِيرَاثُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يُعْرَفَ إِسْلَامُهُ مِنْ كُفْرِهِ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي مَيِّتٍ مَجْهُولِ الدِّينِ، تَرَكَ زَوْجَةً وَأَخًا مُسْلِمَيْنِ، وَابْنًا كَافِرًا، فَادَّعَتِ الزَّوْجَةُ، وَالْأَخُ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا فَالْمِيرَاثُ لَهُمَا، وَادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ مَاتَ كَافِرًا فَالْمِيرَاثُ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>