للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ: لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ مُتَحَقِّقَةٌ وَحَقُّ هَذَا الْوَارِثِ غَيْرُ مُتَحَقَّقٍ، فَإِذَا دَفَعَ الْحَاكِمُ الْمَالَ إِلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا كَتَبَ قِصَّتَهُ، وَذَكَرَ فِيهَا أَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إِلَيْهِ بَعْدَ الْكَشْفِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَاطِعٍ بِأَمْرِ الِاسْتِحْقَاقِ لِيَكُونَ إِنْ ظَهَرَ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمِيرَاثِ غَيْرُ مَدْفُوعٍ بِنُفُوذِ الْحُكْمِ عليه بإبطال حقه منه، ليمكن من المطالبة وإقامة البينة.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الِابْنِ أَوْ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَلَا يَعْلَمُونَهُ فَارَقَهَا أَعْطَيْتُهَا رُبُعَ الثُّمُنِ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا مَحْدُودٌ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِ الثُّمُنُ وَرُبُعُ الثُّمُنِ وَمِيرَاثُ الِابْنِ غَيْرُ مَحْدُودٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مُدَّعِي الْمِيرَاثِ، إِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِسَبَبِ مِيرَاثِهِ، وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ، بِأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يُسْقَطُ بِحَالٍ كَالِابْنِ، فَيُوقَفُ أَمْرُهُ فِي الْحَالِ عَلَى الْكَشْفِ، وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْءٌ، لِأَنَّه لَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مُتَيَقَّنٌ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ بَعْدَ كَشْفِ الْحَاكِمِ وَارِثٌ غَيْرُهُ، دُفِعَ إِلَيْهِ الْمِيرَاثُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ حَالِ الضَّمِينِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَرِثَ فِي حَالٍ كَالْأَخِ، فَيُوقَفُ أَمْرُهُ عَلَى الْكَشْفِ، فَإِنْ لَمْ يَبِنْ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ طُولِ الْكَشْفِ وَارِثٌ سِوَاهُ، وَلَمْ يُقِمُ الْبَيِّنَةَ بِأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ. فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الِابْنِ فِي دَفْعِ الْمِيرَاثِ إِلَيْهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ: إِنَّهُ يدفع إليه كالابن، لأن لَمْ يُعْلَمْ وَارِثٌ غَيْرُهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الْأَبَدِ، حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ الِابْنِ، لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِابْنَ وَارِثٌ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا بِيَقِينٍ، وَالْأَخُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، هَلْ هُوَ وَارِثٌ، أَوْ غَيْرُ وَارِثٍ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَرِثَ إِلَّا بِيَقِينٍ، وَهَكَذَا حُكْمُ ابْنِ الِابْنِ لِجَوَازِ سُقُوطِهِ بِالِابْنِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَسْقُطُ بِحَالٍ، وَلَهُ فَرْضٌ مُقَدَّرٌ كَالْأَبَوَيْنِ، وَالزَّوْجَيْنِ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ أَقَلُّ فَرْضِهِ، لِأَنَّه يَسْتَحِقُّهُ بِيَقِينٍ وَيُوقَفُ أَكْثَرُهُ عَلَى الْكَشْفِ، فَإِنْ كَانَ أَبًا دُفِعَ إِلَيْهِ السُّدُسَ مَعُولًا.

وَإِنْ كَانَتْ أُمًّا فَكَذَلِكَ يُدْفَعُ السُّدُسُ مَعُولًا. وَإِنْ كَانَ زَوْجًا، دُفِعَ إِلَيْهِ الرُّبْعُ مَعُولًا، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً دُفِعَ إِلَيْهَا رُبْعُ الثُّمُنِ مَعُولًا، لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>