للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب الدعوى على كتاب أبي حنيفة)]

[(مسألة)]

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِائَتِي دِرْهَمٍ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ بِلَا وَقْتٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى شُهُودَهُ وَيَرْجِعُ بِالنِّصْفِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنً الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) هَذَا أَشْبَهُ بِالْحَقِّ عِنْدِي لأن البينتين قد تكافأتا وللمقر له بالدار سبب ليس لصاحبه كما يدعيانها جميعا ببينة وهي في يد أحدهما فتكون لمن هي في يديه لقوة سببه عنده على سبب صاحبه (قال المزني) رحمه الله وقد قال لو أقام كل واحد منهما البينة على دابة أنه نتجها أبطلتهما وقبلت قول الذي هي في يديه ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: جَمَعَ الْمُزَنِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ بَيْنَ ثَلَاثِ مَسَائِلَ نَقَلَهَا عَنِ الشَّافِعِيِّ:

فَالْأُولَى: بائع ومشتريان.

والثانية: بائع وَمُشْتَرِيَانِ.

وَالثَّالِثَةُ: مُشْتَرٍ وَبَائِعَانِ.

فَأَمَّا الْأُولَى: هِيَ مَسْأَلَتُنَا فَصُورَتُهَا فِي رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا ابْتِيَاعَ دَارٍ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً. وَقَالَ الْآخَرُ إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَنَقَدْتُهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيِّنَةِ بَيَانٌ عَلَى تَقَدُّمِ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ، عَلَى الْآخَرِ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا بَيَانٌ، فَإِنْ بَانَ بِهِمَا تَقْدِيمُ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، بِأَنَّ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا، أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ فِي رَجَبٍ وَتَشْهَدَ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ، وَتَشْهَدُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ، فِي يَوْمِ السَّبْتِ، وَتَشْهَدُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ، فَهُمَا فِي تَقَارُبِ هَذَيْنِ الزَّمَانَيْنِ وَتَبَاعُدِهِ سَوَاءٌ. فَيَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَإِبْطَالِ الثَّانِي، لِأَنَّه قَدْ زَالَ بِالْأَوَّلِ مِلْكُ الْبَائِعِ، فَصَارَ في الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>