للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا تَنَازَعَا ثَوْبًا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مِنْهُ ذِرَاعٌ، وَفِي يَدِ الْآخَرِ مِنْهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كَانَا فِي الْيَدِ سَوَاءٌ، وَلَا يَتَرَجَّحُ مَنْ بِيَدِهِ أَكْثَرُهُ، عَلَى مَنْ بِيَدِهِ أَقَلُّهُ، لِأَنَّهُ لَوْ تَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ لَمْ يَقَعِ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ أَكْثَرُهُ، أَوْ أَقَلُّهُ.

وَلَوْ تَنَازَعَا دَارًا، وَأَحَدَهُمَا فِي صَحْنِهَا وَالْآخَرُ فِي دِهْلِيزِهَا، كَانَا فِي الْيَدِ سَوَاءٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْجَالِسُ فِي الصَّحْنِ أَحَقُّ بِالْيَدِ مِنَ الْجَالِسِ فِي الدِّهْلِيزِ.

وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ لَوْ تَفَرَّدَ بِالْجُلُوسِ فِي الدِّهْلِيزِ كَانَتْ يده عليها، كما لوكان فِي صَحْنِهَا، وَهَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَطْحِهَا، وَالْآخَرُ فِي سُفْلِهَا كَانَا عِنْدَنَا فِي الْيَدِ سَوَاءٌ، وَلَا فَرْقَ أَنْ يَكُونَ عَلَى السَّطْحِ سُتْرَةٌ حَاجِزَةٌ أَوْ لَا تَكُونَ، أَوْ عَلَى السَّطْحِ مُمَرَّقٌ حَاجِزٌ مِنَ السُّفْلِ أَوْ لَا يَكُونُ.

وَلَوْ تَنَازَعَا مَتَاعًا فِي ظَرْفٍ، وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَى الظَّرْفِ، وَيَدُ الْآخَرِ عَلَى الْمَتَاعِ اخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْيَدِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَلَا تَكُونُ الْيَدُ عَلَى الظَّرْفِ مُشَارِكَةٌ لِلْيَدِ عَلَى الْمَتَاعِ، وَلَا الْيَدُ الَّتِي عَلَى الْمَتَاعِ مُشَارِكَةٌ لِلْيَدِ عَلَى الظَّرْفِ، لانفصال أحدهما عن الآخر، لجواز أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ لِوَاحِدٍ وَالظَّرْفُ لِآخَرَ.

وَلَوْ تَنَازَعَا عَبْدًا، وَيَدُ أَحَدِهِمَا عَلَى ثَوْبِهِ، وَيَدُ الْآخَرِ عَلَى ثَوْبِهِ كَانَتِ الْيَدُ عَلَى الْعَبْدِ يدا على الثوب والعبد، لأنه يَدَ الْعَبْدِ عَلَى الثَّوْبِ أَقْوَى، فَصَارَتِ الْيَدُ عَلَى الْعَبْدِ أَقْوَى، وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْيَدِ عَلَى الثَّوْبِ يَدٌ عَلَى الْعَبْدِ، وَلَا عَلَى الثَّوْبِ، لِأَنَّ لِلْعَبْدِ عَلَى الثَّوْبِ يَدًا وَتَصَرُّفًا، وَلِمُمْسِكِ الثَّوْبِ يَدٌ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ، وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخِرُ قَائِدُهَا، فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَكُونُ لِرَاكِبِهَا دُونَ قَائِدِهَا، لِأَنَّهُ مَعَ الْيَدِ الْمُشْتَرِكَةِ مُخْتَصٌّ بِالتَّصَرُّفِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا مُشْتَرِكَانِ فِي الْيَدِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ قَوْدَهَا تَصَرُّفٌ كَالرُّكُوبِ فَاسْتَوَيَا. وَلَوْ تَنَازَعَا سَفِينَةً أَحَدُهُمَا مُمْسِكٌ بِرِبَاطِهَا، وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِخَشَبِهَا، كَانَتِ الْيَدُ لِمُمْسِكِ الْخَشَبِ، دُونَ مُمْسِكِ الرِّبَاطِ، لِأَنَّ الْخَشَبَ مِنَ السَّفِينَةِ وَالرِّبَاطَ لَيْسَ مِنْهَا. وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَهَا، وَالْآخَرُ مُمْسِكُهَا، كَانَتِ الْيَدُ لِلرَّاكِبِ، دُونَ الْمُمْسِكِ لِأَنَّ لِلرَّاكِبِ تَصَرُّفًا لَيْسَ لِلْمُمْسِكِ.

وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً فِي إِصْطَبْلِ أَحَدِهِمَا، وَأَكْذَبَهُمَا عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الْإِصْطَبْلِ دَوَابٌّ لغير مالكه، واستويا فِي الْيَدِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْإِصْطَبْلِ قَدْ صَارَ مُشْتَرَكًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِصْطَبْلِ دَوَابٌّ غَيْرُ دَوَابِّ صَاحِبِهِ، كَانَتِ الْيَدُ لِصَاحِبِ الْإِصْطَبْلِ خَاصَّةً لِتَفَرُّدِهِ بِالتَّصَرُّفِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

: قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ كَانَ الثَوْبُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>