للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا فَلَا يَكُونُ فِي الْقِيَافَةِ بَيَانٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْفَى عَنْهَا، لِأَنَّ نَسَبَهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمَا، فَيُعْدَلُ إِلَى الْوَقْفِ عَلَى الِانْتِسَابِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

والْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَذَا عَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَمَاثَلَ الشَّبَهَانِ، وَلَا يَتَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، فَلَا يَكُونُ فِي الْقِيَافَةِ بَيَانٌ، وَيَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي، أَنْ يَتَمَاثَلَ الشَّبَهُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَدَدِ، وَيَخْتَلِفَا فِي الظُّهُورِ، وَالْخَفَاءِ، يَكُونُ فِيهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَبَهَانِ، وَهُوَ فِي أَحَدِهِمَا ظَاهِرٌ، وَفِي الْآخَرِ خَفِيٌّ، فَيُلْحَقُ بِمَنْ ظَهَرَ مِنْهُ الشَّبَهُ دُونَ مَنْ خَفِي فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَمَاثَلَا فِي الظُّهُورِ، وَالْخَفَاءِ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْعَدَدِ، فَيَكُونُ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَفِي الْآخَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَيَلْحَقُ بِمَنْ زَادَ عَدَدُ الشَّبَهِ فِيهِ دُونَ مَنْ قَلَّ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ عَدَدًا، وَأَظْهَرَ شَبَهًا، وَهُوَ فِي الْآخِرِ أَقَلُّ، وَأَخْفَى، فَيُلْحَقُ بِمَنْ كَثُرَ فِيهِ عَدَدُ الشَّبَهِ، وَظَهَرَ دُونَ مَنْ قَلَّ، فِيهِ وَخَفِيَ، وَهُوَ أَقْوَى مِنَ الضَّرْبَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.

وَالضَّرْبُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي الشَّبَهِ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَأَخْفَى شَبَهًا، وَالْآخَرُ أَقَلَّ عَدَدًا، وَأَظْهَرَ شَبَهًا، فَيَكُونُ الشَّبَهُ فِي أَحَدِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ خَفِيَّةٍ، وَفِي الْآخَرِ من وجهين ظاهرين، ففه وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُرَجِّحُ كَثْرَةَ الْعَدَدِ عَلَى ظُهُورِ الشَّبَهِ، فَيُلْحَقُ بِمَنْ فِيهِ الشَّبَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ خَفِيَّةٍ، تَغْلِيبًا لِزِيَادَةِ التَّشَابُهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُرَجَّحُ ظُهُورُ الشَّبَهِ عَلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَيُلْحَقُ بِمَنْ فِيهِ الشَّبَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ ظَاهِرَيْنِ، تَغْلِيبًا لِقُوَّةِ التَّشَابُهِ. فَهَذَا أَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ التَّشَابُهِ فِي الْقِيَافَةِ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ فَطِنَ الْقَافَةُ فَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ فِطْنَتُهُ مِنْ أَعْدَادِ التَّشَابُهِ أَقْوَى، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ فِطْنَتُهُ فِي قُوَّةِ التَّشَابُهِ أَقْوَى، فَيَعْتَمِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي قُوَّةِ فِطْنَتِهِ، تَغْلِيبًا لِقُوَّةِ حِسِّهِ، فَإِنْ كَانَ الْقَائِفُ عَارِفًا بِأَحْكَامِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مُخْبِرًا، وَحَاكِمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِأَحْكَامِهَا كَانَ فِيهَا مُخْبِرًا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا حَاكِمًا، لِيَحْكُمَ بِهَا مِنَ الْحُكَّامِ مَنْ يَعْلَمُهَا، وَيَجْتَهِدُ رَأْيَهُ فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>