للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنِ ادَّعَاهُ وَلَدًا، سُمِعَتْ دَعْوَاهُ إِذَا مُكِّنَتْ، وَلَحِقَ بِهِ وَلَدًا وَنَاسَبَ جَمِيعَ مَنْ نَاسَبَهُ مدعيه، من آبائه وأبنائه، وإخوانه، وَأَعْمَامِهِ، سَوَاءٌ صَدَّقُوهُ عَلَيْهِ أَوْ خَالَفُوهُ. فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا أُجْرِيَ عَلَى اللَّقِيطِ حُكْمُ الْإِسْلَامَ وَوَجَبَ حِفْظُ نَسَبِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُجْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، لِئَلَّا يُلَقِّنَهُ الْكُفْرَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْكَفْرِ، وَلَمْ يَجِبْ حِفْظُ نَسَبِهِ، لَا فِي حَقِّهِ وَلَا فِي حَقِّ الْمُدَّعِي، وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ مَا كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، مُنِعَ مِنْهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَصِفَ الْإِسْلَامَ، إِذَا بَلَغَ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ إِخْرَاجِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إِذَا أُجْبِرَ عَلَى الْكُفْرِ.

وَإِنِ ادَّعَاهُ أَخًا، وَلِمَ يدعيه وَلَدًا، رُدَّتْ دَعْوَاهُ إِنْ كَانَ أَبُوهُ بَاقِيًا، وكان الأب أحق بالدعوى منه، سمعت إِنْ كَانَ مَيِّتًا، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ وَارِثٌ سِوَاهُ، وَلَا يُسْمَعُ إِنْ وَرِثَهُ غَيْرُهُ، حَتَّى يَتَّفِقُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ إِذَا سُمِعَتْ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، وَأُلْحِقَ بِهِ أَخًا، صَارَ مُنَاسِبًا لِجَمِيعِ مَنْ نَاسَبَهُ مِمَّنْ عَلَا وَسَفَلَ مِنْ عَصَبَاتٍ، وَذَوِي أَرْحَامٍ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْكُفْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَلَوِ ادَّعَى نَسَبَ بَالِغٍ مَجْهُولِ النَّسَبِ، لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ رِقٌّ، وَلَا وَلَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَى تَصْدِيقِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ وَعَدِمَ الْبَيِّنَةَ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ لَحِقَ بِهِ نَسَبُهُ بِالدَّعْوَى، وَالتَّصْدِيقِ وَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أحدها: أن يكونوا مُسْلِمَيْنِ فَحِفْظُ نَسَبِهِمَا وَاجِبٌ فِي الْجِهَتَيْنِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ، فَحِفْظُ نَسَبِهِمَا غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْجِهَتَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَا فِي الدَّعْوَى قَدْ تَنَازَعَا إِلَى حَاكِمٍ حَكَمَ بَيْنَهُمَا بِلُحُوقِ النَّسَبِ، فَيَجِبُ حِفْظُهُ لِتَنْفِيذِ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ فِي حَقِّ النَّسَبِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيهِ مُسْلِمًا. وَهُوَ يُقِرُّ بِالْكُفْرِ، فَإِنْ كَانَ مَوْلُودًا عَلَى الْإِسْلَامِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ كَافِرًا، وَقِيلَ: الْآنَ أَنْتَ بِتَصْدِيقِكَ لَهُ عَلَى الْأُبُوَّةِ مُسْلِمٌ، وَادِّعَاؤُكَ الْكُفْرَ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّدَّةِ. فَإِنْ أَسْلَمْتَ وَإِلَّا قُتِلْتَ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ وِلَادَةِ الشِّرْكِ، وَأَسْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَوْلُودًا لَهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، أُقِرَّ الْوَلَدُ عَلَى كُفْرِهِ، وَوَجَبَ حِفْظُ نَسَبِهِ فِي حَقِّ أَبِيهِ، دُونَ حَقِّهِ.

وَالْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيهِ كَافِرًا، وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِ أَبٌ كَافِرٌ، وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَلْحَقَ نَسَبُهُ بِكَافِرٍ وَيَجْرِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُ دِينِهِ، وَوَجَبَ حِفْظُ نَسَبِهِ فِي حَقِّهِ، وَإِنْ لَمْ يجب في حق الأب.

<<  <  ج: ص:  >  >>