للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ تَرِثُ مَتَاعَ الرَّجُلِ، وَالرَّجُلَ قَدْ يَرِثُ مَتَاعَ النِّسَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي مِيرَاثِ مَتَاعِ الرِّجَالِ، وَمَتَاعِ النِّسَاءِ، فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ يَدٌ سَابِقَةٌ، وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِمَتَاعِ جِهَةٍ دُونَ صَاحِبِهِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِتَرْجِيحِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَهُوَ أَنَّ تَعَارُضَ الْأُصُولِ فِي الْأَحْكَامِ يُوجِبُ تَغْلِيبَ الْأَشْبَهِ، لِاعْتِبَارِ الشَّبَهِ فِيهِ إِذَا انْفَرَدَ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَمْلَاكُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا شَبَهُ الْعُرْفِ فِي الْيَدِ الْمُنْفَرِدَةِ، لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الْيَدِ الْمُشْتَرِكَةِ، كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي يَدِ الْمُشَاهَدَةِ.

(فَصْلٌ)

: إِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَسَاوِي الزَّوْجَيْنِ، فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، تَحَالَفَا عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ، لِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِهِ، لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى جَمِيعِهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْيَدَ مَا اخْتَصَّتْ بِالشَّيْءِ، وَمِنَ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكُلِّ الْمَتَاعِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ يَمْتَنِعُ هَذَا كَمَا لَمْ يَمْتَنِعْ فِي الرَّهْنِ، إِذَا أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ يَدٌ عَلَى جَمِيعِهِ.

قِيلَ: يَدُهُمَا فِي الرَّهْنِ مُخْتَلِفَةٌ، لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُسْتَوْثِقٌ بِالرَّقَبَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرَ مُسْتَوْثِقٌ بِالْمَنْفَعَةِ، وَيَدَهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ مُتَّفِقَةٌ، فَامْتَنَعَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ فِي الرَّهْنِ.

وَإِذَا وَجَبَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهِ، لَا عَلَى جميعه فلها ثلاثة أحوال:

أحدها: أَنْ يَحْلِفَا، فَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مِلْكًا.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْكُلَا فَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا يَدًا.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا وَيَنْكُلَ الْآخَرُ، فَيُحْكَمُ لِلْحَالِفِ بِالنِّصْفِ، وَيَكُونُ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ النَّاكِلِ تُرَدُّ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْحَالِفِ فَإِنْ حَلَفَ الْيَمِينَ الثَّانِيَةَ فِي الرَّدِّ، حُكِمَ لَهُ بِالْجَمِيعِ، نِصْفُهُ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَنِصْفُهُ بِيَمِينِ الرَّدِّ بَعْدَ نُكُولِ صَاحِبِهِ، وَإِنِ امْتَنَعَ فِي يَمِينِ الرَّدِّ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ، إِلَّا فِي النِّصْفِ الَّذِي حَلَفَ بِيَمِينِ الْيَدِ وَكَانَ النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ النَّاكِلِ مُقَرًّا عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>