للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى مِلْكِ الْمُطَلَّقِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ بَعْضًا مِنْ عَبْدِهِ كَقَوْلِهِ: نِصْفُهُ حُرٌّ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَلَمْ يَقِفِ الْعِتْقُ الَّذِي بَاشَرَهُ.

وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْمُلَيْحِ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: " وهو حُرٌّ كُلُّهُ لَيْسَ لَكَ شَرِيكٌ ".

وَإِذَا أَعْتَقَ له ىشركاء فِي عَبْدٍ شِرْكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهُ وَرُوعِيَتْ حَالُهُ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَرَى عِتْقُهُ إِلَى شَرِيكِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ قِيمَةُ حِصَّتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا عَلَى مِلْكِهِ وَلَا أَنْ يَعْتِقَهَا فِي حق نفسه، وإن كان المعتق موسراً لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ إِلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَكَانَتْ حِصَّتُهُ بَاقِيَةً عَلَى مِلْكِهِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَهَا وَإِنْ شَاءَ اسْتَبْقَاهَا وَلَا يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الِاسْتِسْعَاءِ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ فِي حَقِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَتَبَعَّضُ فِي الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةُ وَالرِّقُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَبَعَّضَ فِيهِ فَيَكُونُ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مَرْقُوقًا. وَالْوَاجِبُ تَكْمِيلُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا كَانَ شريكه بالخيار بين ثلاثة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتِقَ حِصَّتَهُ مُبَاشَرَةً فَيَكُونُ الولاء بينهما.

والحالة الثالثة: أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِي حِصَّتِهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بالسوية ويكون الولاء بينهما.

والحالة الثانية: أَنْ يَأْخُذَ الْمُعْتِقُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ الْمُعْتَقُ فِيهِ بَيْنَ خِيَارَيْنِ إِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَاهُ فِي حِصَّتِهِ فِيهِ بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا كَانَ الشَّرِيكُ فِي حِصَّتِهِ بَيْنَ خِيَارَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَعْتِقَهَا وَإِمَّا أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ فِيهَا.

وَقَالَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ حِصَّتِهِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى عِتْقِهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالْعِتْقِ لَمْ يَقَعْ.

وَقَالَ الْأَصَمُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ: يُعْتَقُ حِصَّةُ الْمُعْتِقِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُعْتَقُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَى الْمُعْتِقِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يكن له مال! استسعى العبد غير مشقوق عليه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>