للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم جميع تركته كحكمهم أو أَعْتَقَهُمْ فِي مَرَضِهِ إِلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّ عِتْقَهُمْ فِي الْمَرَضِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَوْتِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عِتْقَ الْمَرَضِ مُبَاشَرَةٌ يُنَفَّذُ بِلَفْظِهِ، وَعِتْقَ الْوَصِيَّةِ يُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْوَرَثَةِ، فَإِنِ امْتَنَعُوا اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ مِنْهُمْ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ قِيمَةَ الْمُعْتَقِينَ فِي الْمَرَضِ مُعْتَبَرَةٌ بِوَقْتِ عِتْقِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَقِيمَةُ الْمُعْتَقِينَ فِي الْوَصِيَّةِ مُعْتَبَرَةٌ بِقِيمَتِهِمْ وَقْتَ الْمَوْتِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ يَمْلِكُونَ بِهِ مَا اكْتَسَبُوهُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَكَسْبِ مَنْ رَقَّ مِنْهُمْ يَمْلِكُ الْمُعْتِقُ مِنْهُ مَا كَسَبُوهُ فِي حَيَاتِهِ، وَيُضَافُ إِلَى تَرِكَتِهِ، وَيَمْلِكُ الْوَرَثَةُ مَا اكْتَسَبُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْعِتْقُ بِالْوَصِيَّةِ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ أَكْسَابُهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِي وَأَكْسَابُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ، يَسْتَوِي فِيهِ كَسْبُ مَنْ عَتَقَ مِنْهُمْ، وَمَنْ رَقَّ قَبْلَ الْقُرْعَةِ لِلْعِتْقِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ هَذِهِ الْأَكْسَابِ دُيُونُ الْمَيِّتِ، لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّ دُيُونَ الْمَيِّتِ تُقْضَى مِنْ هَذِهِ الْأَكْسَابِ الْحَادِثَةِ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ، لِأَنَّهُمُ اسْتَفَادُوهَا مِنْ تَرِكَةٍ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُمْ عَلَيْهَا، إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهَا.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْفَصْلِ: إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَكَسَبَ في حياة سيده مائة درهم وبعد موته مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالْمِائَةُ الَّتِي كَسَبَهَا فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ دَاخِلَةٌ فِي تَرِكَتِهِ تُضَمُّ إِلَى قِيمَتِهِ، وَيَدْخُلُ بِهَا دَوْرٌ يَزِيدُ فِي عِتْقِهِ، وَالْمِائَةُ الَّتِي كَسَبَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ خَارِجَةٌ مِنَ التَّرِكَةِ، وَلَا يَدْخُلُ بِهَا دَوْرٌ، وَلَا يَزِيدُ بِهَا عِتْقٌ، وَقَدْرُ مَا يُعْتَقُ مِنْهُ نِصْفُهُ، وَيَمْلِكُ بِهِ نِصْفَ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، وَنِصْفَ كَسْبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيَرِقُّ نِصْفُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَيَسْتَحِقُّونَ بِهِ نِصْفَ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ مِيرَاثًا، وَنِصْفَ كَسْبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِلْكًا، وَبَابُهُ فِي عَمَلِ الدَّوْرِ أَنْ يُجْعَلَ الْعِتْقُ سَهْمًا، وَالْكَسْبُ سَهْمًا، لِأَنَّ الْكَسْبَ مِثْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيُجْعَلُ لِلْوَرَثَةِ سَهْمَيْنِ، لِيَكُونَا مِثْلَيْ سَهْمِ الْعِتْقِ، وَتُجْمَعَ السِّهَامُ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ، وَتُقَسَّمُ التَّرِكَةُ عَلَيْهَا، وَهُمَا مِائَتَا دِرْهَمٍ، لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ ضُمَّ إِلَيْهَا الْكَسْبُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ مائة، فيكون قسط كل سهم منهم خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَلِلْعِتْقِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ، فَعَتَقَ بِهِ نِصْفُهُ، وَمَلَكَ بِهِ نِصْفُ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، وَرَقَّ نِصْفُهُ لِلْوَرَثَةِ، وَمَلَكُوا نِصْفَ كَسْبِهِ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ مِيرَاثًا، فَصَارَ لَهُمْ بِالرِّقِّ وَالْكَسْبِ مِائَةُ دِرْهَمٍ هِيَ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْ نِصْفِهِ، وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْوَرَثَةِ نِصْفَيْنِ، بِحَسْبَ مَا فِيهِ مِنْ حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ.

فَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِي عِتْقِ هَذَا الْعَبْدِ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَكَسْبُ الْعَبْدِ فِي حياة سيده مائة درهم، وبعد موته مائة دِرْهَمٍ، وَكَانَ عَلَى السَّيِّدِ مِائَةُ دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>