للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا الْعِتْقُ وَالْعَطَايَا.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فِي اشْتِمَالِهَا عَلَى الْعِتْقِ وَحْدَهُ، فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ عِتْقًا، فَيَقُولُ: اعْتِقُوا عَنِّي سَالِمًا، ثُمَّ يَقُولُ: اعْتِقُوا عَنِّي غَانِمًا، ثُمَّ يَقُولُ اعْتِقُوا عَنِّي زِيَادًا، فَكُلُّهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِمْ سَوَاءٌ لَا يُقَدَّمُ فِيهِمْ مَنْ قَدَّمَ الْوَصِيَّةَ بِهِ، بِخِلَافِ عِتْقِهِ النَّاجِزِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِيهِ مَنْ قَدَّمَهُ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْعِتْقَ بِالْوَصَايَا مُسْتَحَقٌّ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَتَسَاوَوْنَ فِيهِ، وَفِي الْمَرَضِ مُسْتَحَقٌّ بِاللَّفْظِ الَّذِي يُقَدَّمُونَ بِهِ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ فِي الْمَرَضِ عِتْقُ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يُقَدَّمْ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقُ الْأَوَّلِ، وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمْ إِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمْ، وَأَكْسَابُ جَمِيعِهِمْ قَبْلَ الْمَوْتِ تَرِكَةٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كُلُّ عِتْقِهِ تَدْبِيرًا، فَيَقُولُ: إِذَا مُتُّ، فَسَالِمٌ حُرٌّ، ثُمَّ يَقُولُ إِذَا مُتُّ، فَغَانِمٌ حُرٌّ، ثُمَّ يَقُولُ: إِذَا مُتُّ، فَزِيَادٌ حُرٌّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ فِي الثُّلُثِ عَلَى تَرْتِيبِ مَنْ قُدِّمَ، فَيُعْتَقُ الْأَوَّلُ إِنِ اسْتَوْعَبَ الثُّلُثَ، وَرَقَّ الثَّانِي وَالثَّالِثُ.

وَلَوِ اتَّسَعَ الثُّلُثُ لِاثْنَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، وَرَقَّ الثَّالِثُ اعْتِبَارًا بِالْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ، وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِيهِمُ الْقُرْعَةُ، لِأَنَّهُ عِتْقٌ نَاجِزٌ بِالْمَوْتِ لَا يَقِفُ عَلَى الْوَرَثَةِ

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَذْهَبُ: أَنَّهُمْ سَوَاءٌ لَا يَتَقَدَّمُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ لِوُقُوعِ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ الَّذِي يَتَمَاثَلُونَ فِيهِ.

فَإِنْ عَجَزَ الثُّلُثُ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَتَّسِعْ لِجَمِيعِهِمْ ففيه وجهان:

أحدهما: وهو المذهب: أن يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَيُعْتَقُ مِنْهُمْ مَنِ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَيُسْتَرَقُّ مَنْ عَجَزَ عَنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرُ مَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَيُسْتَرَقُّ بَاقِيهِ، وَلَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِي تَكْمِيلِ الْحُرِّيَّةِ.

فَإِنِ احْتَمَلَ الثُّلُثُ نِصْفَ قِيمَتِهِمْ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ، وَرَقَّ نِصْفُهُ، وَإِنِ احْتَمَلَ الثُّلُثُ رُبْعَ قِيمَتِهِمْ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعُهُ، وَرَقَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ اعْتِبَارًا بِالْوَصَايَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِفَرْقِ مَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْوَصَايَا.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عِتْقُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى وَصِيَّةٍ بِالْعِتْقِ، وَعَلَى تَدْبِيرٍ يَتَحَرَّرُ بِالْمَوْتِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>