للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ أَحَقَّ بِالْوَلَاءِ، كَمَا كَانَ أَحَقَّ بِالْمَالِ، لِقُوَّةِ تَعْصِيبِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَشْتَرِكُ فِي وَلَائِهِ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَالْأَخُ لِلْأَبِ، لِأَنَّ الْأُمَّ لَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ، فَلَمْ يَتَرَجَّحْ مَنْ أَوْلَى بِهَا، وَلَوْ مَاتَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، وَخَلَّفَ ابْنًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَانَ الْأَخُ لِلْأَبِ أَحَقَّ بِوَلَائِهِ، وَابْنُ الْأَخِ مِنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي الْقَوْلَيْنِ مَعًا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ، وَهُوَ فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْوَلَاءَ مَوْرُوثًا على حكمه قبل الأخ.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ الْوَلَاءَ وَلَا يَرِثْنَ إِلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي النِّسَاءِ لَا يَرِثْنَ الْوَلَاءَ.

وَالثَّانِي: فِي جَرِّ الْوَلَاءِ.

فَأَمَّا مِيرَاثُهُنَّ الْوَلَاءَ، فَلَا يَرِثْنَهُ عَنْ مُعْتَقٍ بِحَالٍ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ طَاوُسٌ، فَوَرَّثَهُنَّ كَالرِّجَالِ، وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ تَعْصِيبٌ يُنْقَلُ إِلَى الْعَصَبَاتِ، وَلَيْسَ النِّسَاءُ عَصَبَةً.

وَلَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا بِالْمَالِ لَانْتَقَلَ إِلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَالْمَالِ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ، فَصَارَ حَقُّ تَوْرِيثِهِنَّ مَدْفُوعًا بِالْإِجْمَاعِ، وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ النِّسَاءُ الْوَلَاءَ بِعِتْقِ الْمُبَاشَرَةِ، كَمَا تَسْتَحِقُّهُ الرِّجَالُ، لِزَوَالِ مِلْكِهِنَّ بالعتق، وقد أعتقت عائشة رضي الله عنا بَرِيرَةَ، فَجَعَلَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَاءَهَا وَأَبْطَلَ وَلَاءَ مَنِ اشْتَرَطَ وَلَاءَهَا مِنْ مَوَالِيهَا، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: (ولَا يَرِثْهنَّ بِالْوَلَاءِ إِلَّا مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ) يَعْنِي: إِذَا أَعْتَقَتِ الْمَرْأَةُ عَبْدًا، وَأَعْتَقَ عَبْدُهَا عَبْدًا، كَانَ لَهَا وَلَاءُ عَبْدِهَا، وَلَهَا وَلَاءُ مَنْ أَعْتَقَهُ عَبْدُهَا تَرِثُهُ بَعْدَ عَبْدِهَا، فَلَوْ أَعْتَقَتِ امْرَأَةٌ عَبْدًا، وَمَاتَتْ، وَخَلَّفَتِ ابْنًا وَأَخًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتِقُ كَانَ وَلَاؤُهُ لِلِابْنِ دُونَ الْأَخِ، وَلَوْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ، وَخَلَّفَ عَمًّا وَخَالًا، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ كَانَ وَلَاؤُهُ لِخَالِهِ دُونَ عَمِّهِ، لِأَنَّ الْخَالَ أَخُو الْمُعْتِقَةِ، وَالْعَمَّ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ.

فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مِنْ جَعَلَهُ مَوْرُوثًا يُجْعَلُ الْوَلَاءُ لِعَمِّ الِابْنِ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنَ الْمُعْتِقَةِ دُونَ الْخَالِ، وَإِنْ كَانَ أَخَاهَا لِانْتِقَالِ مَالِهِ إِلَى عمه دون خاله.

فَصْلٌ

وَأَمَّا جَرُّ الْوَلَاءِ، فَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الْوَلَدِ وَلَاءٌ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ، فَيَجُرُّ مُعْتِقُ أَبِيهِ وَلَاءَهُ عَنْهُ إِلَى نَفْسِهِ.

وَصُورَتُهُ: أَنْ يَعْتِقَ أَمَةً، وَتَتَزَوَّجَ بَعْدَ عِتْقِهَا بِعَبْدٍ، فَتَلِدُ مِنْهُ أَوْلَادًا، فَهُمْ أَحْرَارٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>