للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا ثَبَتَ جَرُّ الْوَلَاءِ إِلَى مُعْتِقِ الْأَبِ، فَأَعْتَقَ الْجِدَّ دُونَ الْأَبِ، فَفِي جَرِّهِ وَلَاءَهُمْ عَنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، حَكَاهَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: يَجُرُّ مُعْتِقُ الْجِدِّ وَلَاءَهُمْ عَنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ، وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، لِأَنَّ الْجِدَّ وَالِدٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُرُّ وَلَاءَهُمْ لِمُبَاشَرَةِ الْأَبِ لِلْوِلَادَةِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لَمْ يَجُرَّ مُعْتِقُ الْجِدِّ وَلَاءَهُمْ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا جَرَّهُ، لِأَنَّ الْجَرَّ بِمَوْتِ الْأَبِ مُسْتَقِرٌّ، وَمَعَ بَقَائِهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ جَرَّ مُعْتِقُ الْجِدِّ وَلَاءَهُمْ، ثُمَّ أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدُ، فَفِي جَرِّ الْوَلَاءِ عَنْ مُعْتِقِ الْجِدِّ إِلَى مُعْتِقِ الْأَبِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُرُّ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِيهِ مُبَاشِرَةٌ، وَفِي الْجِدِّ بَعِيدَةٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُرُّهُ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَسَبِ الْأُبُوَّةِ.

فَصْلٌ

وَلَوْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِ مَمْلُوكٍ، فَوَلَدَتِ ابْنًا، ثُمَّ أُعْتِقَ الْأَبُ كَانَ وَلَاءُ الِابْنِ لِمُعْتِقِ الْأُمِّ، وَلَمْ يَجُرُّهُ مُعْتِقُ الْأَبِ، لِأَنَّ عِتْقَ الِابْنِ مُبَاشَرَةٌ، وَالْوَلَاءَ فِي عِتْقِ الْمُبَاشَرَةِ، لَا يَزُولُ بِالْجَرِّ، وَلَوْ لَمْ تَلِدْهُ قَبْلَ عِتْقِ الْأَبِ، وَوَلَدَتْهُ بَعْدَ عِتْقِهِ اعْتُبِرَتْ مُدَّةُ وِلَادَتِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا.

فَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَانَ عِتْقُهُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ، وَكَانَ وَلَاؤُهُمَا لِمُعْتِقِهَا، وَلَا يَجُرُّهُ مُعْتِقُ الْأَبِ لِعِلْمِنَا بِكَوْنِهِ حَمْلًا وَقْتَ عِتْقِهَا.

وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ جَرَّ مُعْتِقُ الْأَبِ وَلَاءَهُ عَنْ مُعْتِقِهَا، لِعِلْمِنَا بِعَدَمِهِ وَقْتَ عِتْقِهَا.

وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَقْتَ الْعِتْقِ مَوْجُودًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَن لَا يَلْحَقَ بِالزَّوْجِ، فَوَلَاؤُهُ غَيْرُ مَجْرُورٍ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَلْحَقَ بِالزَّوْجِ فَفِي جَرِّ وَلَائِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَجْرُورٌ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُدُوثِ الْوِلَادَةِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ تَقَدُّمِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: غير مجرور لأنا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ثُبُوتِ وَلَائِهِ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ جَرِّهِ إِلَى مُعْتِقِ أَبِيهِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا تَزَوَّجَ حُرٌّ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِمُعْتَقَةٍ عَلَيْهَا وَلَاءٌ، وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا لَمْ يَخْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>