للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَالُ الزَّوْجِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ أَوْ مَجْهُولَ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ عَرِيقًا فِي الْحُرِّيَّةِ كَالْعَرَبِ، فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ أَوْلَدَهَا فِي الرِّقِّ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ رَقِيقًا. فَكَانَ أَوْلَى إِذَا أَوْلَدَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ أَن لَا يَكُونُ عَلَيْهِ وَلَاءٌ.

وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ، فَفِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى وَلَدِهِ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لِظَاهِرِ الْحُرِّيَّةِ مِنَ الْأَبِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِاحْتِمَالِ حَالِ الْأَبِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى الْأُمِّ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

فَصْلٌ

وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ مُعْتَقَةً عَلَيْهَا وَلَاءٌ، وَأَوْلَدَهَا، ابْنًا دَخَلَ فِي وَلَاءِ أُمِّهِ، ثُمَّ اشْتَرَى الِابْنُ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَفِي جَرِّهِ لِوَلَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مُعْتِقِ أُمِّهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُرُّهُ بِعِتْقِ أُمِّهِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَلَاءَ نَفْسِهِ، وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ بَاقِيًا لِمُعْتِقِ أُمِّهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَرِثُهَا، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهِ بِعِتْقِ أَبِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنْ يُزِيلُ بِهِ الْوَلَاءَ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَصِيرُ بِهِ حُرًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ عِتْقَ الْأَبِ يُزِيلُ الْوَلَاءَ عَنْ مُعْتِقِ الْأُمِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَوْلَدَهَا ابْنَتَيْنِ فَاشْتَرَتْ إِحْدَاهُمَا أَبَاهَا عَتَقَ عَلَيْهَا، وَكَانَ لَهَا وَلَاؤُهُ، وَجَرَّتْ إِلَى نَفْسِهَا وَلَاءَ أُخْتِهَا، وَفِي جَرِّهَا لِوَلَاءِ نَفْسِهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا تَجُرُّهُ، وَيَكُونُ بَاقِيًا عَلَيْهَا لِمُعْتِقِ أُمِّهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجُرُّهُ، وَيَسْقُطُ بِهِ الْوَلَاءُ عَنْهَا.

فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ كَانَ ثُلُثَا مِيرَاثِهِ بَيْنَ بِنْتَيْهِ نِصْفَيْنِ بِالنَّسَبِ، وَالثُّلُثُ الْبَاقِي لِبِنْتِهِ الْمُعْتَقَةِ بِالْوَلَاءِ، فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْأَبِ الْبِنْتُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُعْتَقَةٍ كَانَ لِأُخْتِهَا الْمُعْتَقَةِ نِصْفُ مِيرَاثِهَا بِالنَّسَبِ، وَنِصْفُهُ الْبَاقِي بِالْوَلَاءِ الَّذِي جَرَّتْهُ مِنْ مُعْتِقِ أُمِّهَا، وَلَوْ كَانَتِ الْمَيِّتَةُ بَعْدَ أَبِيهَا هِيَ الْبِنْتُ الْمُعْتَقَةُ، وَخَلَّفَتْ أُخْتَهَا كَانَ لِأُخْتِهَا نِصْفُ مِيرَاثِهَا.

وَفِي نِصْفِهِ الْبَاقِي وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لِمَوْلَى أُمِّهَا إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا لَا تَجُرُّ وَلَاءَ نَفْسِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِبَيْتِ الْمَالِ: إِذَا قِيلَ: إِنَّهَا قَدْ جَرَّتْ وَلَاءَ نَفْسِهَا، وَلَوِ اشْتَرَتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>