للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِلْكُهُ مِنْهُ بِمَوْتِهِ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مُوسِرًا مَاتَ، أَوْ مُعْسِرًا. وَلَا تَقْوِيمَ بَعْدَ الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ غَيْرُ مَالِكٍ فَصَارَ كَالْمُعْسِرِ.

وَلَوْ قَالَ لِعَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ: إِذَا مُتُّ فَنَصِفُكَ حُرٌّ انْعَقَدَ التَّدْبِيرُ فِي نِصْفِهِ، وَفِي سِرَايَةِ التَّدْبِيرِ إِلَى نِصْفِهِ الْبَاقِي قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَسْرِي إِلَيْهِ وَيَصِيرُ جَمِيعُهُ مُدَبَّرًا، لِأَنَّهُ لَمَّا سَرَى الْعِتْقُ، سَرَى السَّبَبُ الْمُفْضِي إِلَى الْعِتْقِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ، أَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَسْرِي وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ يَسْرِي لِأَنَّ التَّدْبِيرَ أَضْعَفُ مِنَ الْعِتْقِ فَضَعُفَ عَنِ السِّرَايَةِ.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ نِصْفُهُ مُدَبَّرًا، ونصفه رقا قنا فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَتَقَ نِصْفُهُ بِمَوْتِهِ عَنْ تَدْبِيرِهِ وَفِي عِتْقِ نِصْفِهِ الْبَاقِي وَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ وِجْهَيْ أَصْحَابِنَا فِي سِرَايَةِ عِتْقِ الْحَيِّ إِلَى بَقِيَّةِ مِلْكِهِ. هَلْ تَسْرِي بِلَفْظِهِ أَوْ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ عِتْقِهِ. عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَسْرِي بِلَفْظِهِ، فَعَلَى هَذَا يَصِيرُ جَمِيعُ الْعَبْدِ حُرًّا، يَعْتِقُ مِنْهُ نِصْفُهُ تَدْبِيرًا، وَنِصْفُهُ سِرَايَةً، وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُجْعَلَ التَّدْبِيرُ فِي الْحَيَاةِ سَارِيًا، وَبَيْنَ أَنْ يُجْعَلَ الْعِتْقُ بِالْمَوْتِ سَارِيًا، يُتَصَوَّرُ تَأْثِيرُهُ إِذَا رَجَعَ فِي تَدْبِيرِ نِصْفِهِ فَإِنْ جَعَلْنَا الْعِتْقَ سَارِيًا كَانَ نِصْفُهُ الْبَاقِي مُدَبَّرًا، لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَا يَسْرِي وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ يَسْرِي، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلِ التَّدْبِيرُ سَارِيًا إِلَى جَمِيعِهِ، صَارَ بِالرُّجُوعِ فِي تَدْبِيرِ نِصْفِهِ عَبْدًا قِنًّا، لَا يُعْتَقُ بِمَوْتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ عِتْقَهُ فِي الْحَيَاةِ لِبَعْضِهِ يَسْرِي إِلَى جَمِيعِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ عِتْقِهِ فِي بَعْضِهِ. فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالتَّدْبِيرِ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَّا نِصْفُهُ، وَيَكُونُ نِصْفُهُ الْبَاقِي مَرْقُوقًا لِوَرَثَتِهِ.

وَلَوْ كَانَ عَبْدًا بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، ثُمَّ عَجَّلَ الْآخَرُ عِتْقَ حِصَّتِهِ، نُظِرَ فِي حِصَّةِ الْمُدَبَّرِ. فَإِنْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهِ قُوِّمَتْ عَلَى الْمُعْتِقِ حِصَّةُ الْمُدَبَّرِ، إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِهَا وَعَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ لِزَوَالِ التَّدْبِيرِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ.

وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ عَلَى حَالِهِ بَاقِيًا فِي حِصَّةِ الْمُدَبَّرِ فَفِي تَقْوِيمِهِمَا عَلَى الْمُعْتِقِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيُقَوَّمُ فِي حَقِّهِ، لِبَقَائِهَا عَلَى الرِّقِّ حُكْمًا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى التَّدْبِيرِ وَلَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ لِمَا اسْتَقَرَّ فِيهَا قَبْلَ عِتْقِهِ مِنْ عِتْقِهَا فِي حَقِّ الْمَالِكِ بِتَدْبِيرِهِ. وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ، فَدَبَّرَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ دُونَ شَرِيكِهِ، صَحَّ التَّدْبِيرُ فِي حِصَّتِهِ، وَفِي تَقْوِيمِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>