للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبطله في الوصية لمعنى اختلفا فيه جاز بذلك المعنى أن يبطل بيع المدبر ولا يبطل في الوصية فيصير إلى قول من لا يبيع المدبر ولو جاز أن يجمع بين المدبر والأيمان في هذا الموضع جاز إبطال عتق المدبر لمعنى الحنث لأن الأيمان لا يجب الحنث بها على ميت وقوله في الجديد والقديم بالرجوع فيه كالوصايا معتدل مستقيم لا يدخل عليه منه كبير تعديل)

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا اخْتِلَافُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي التَّدْبِيرِ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا، أَوْ مَجْرَى الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ؟ فَقَالَ فِي الْقَدِيمِ وَأَحَدُ قَوْلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ: أَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ، وَالرَّبِيعِ، لِيَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي تَدْبِيرِهِ فِعْلًا بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَقَوْلًا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ.

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي فِي الْجَدِيدِ: إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ وَالْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، لِيَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي تَدْبِيرِهِ فِعْلًا بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي تَدْبِيرِهِ قَوْلًا مَعَ بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ. فَإِذَا قِيلَ إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصَايَا فَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنَ الْعَطَايَا النَّاجِزَةِ بِالْمَوْتِ، فَأَشْبَهَ الْوَصَايَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الثُّلُثِ كَالْوَصَايَا.

وَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْأَيْمَانِ وَالْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ، فَوَجْهُهُ شَيْئَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِوُجُودِ صِفَةٍ، فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ إِذَا مَاتَ زَيْدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، مِلْكٌ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ قَبُولٌ خَرَجَ عَنِ الْوَصَايَا إِلَى الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ.

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ احْتَجَّ لِاخْتِيَارِهِ أَنَّهُ كَالْوَصَايَا بِثَلَاثِ مَسَائِلَ أَبَانَ بِهَا مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّدْبِيرَ كَالْوَصَايَا وَاسْتِدْلَالَانِ احْتَجَّ بِهِمَا لِنُصْرَةِ اخْتِيَارِهِ.

فأما المسائل الثلاث: فأحدها: مَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِمُدَبَّرهِ: إِذَا أَدَّيْتَ كَذَا بَعْدَ مَوْتِي، فَأَنْتَ حُرٌّ، عَتَقَ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَمْ يُعْتَقْ بِالْمَوْتِ، قَالَ: وَهَذَا رُجُوعٌ فِي التَّدْبِيرِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْمِلْكِ. فَيُقَالُ لِلْمُزَنِيِّ هَذَا: إِنَّمَا فَرَّعَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّهُ كالوصايا، فيبطل به التدبير ويثبت بعد الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّ التَّدْبِيرَ كَالْأَيْمَانِ، وَالْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَيُعْتَقُ بِالْمَوْتِ ويسقط

<<  <  ج: ص:  >  >>