للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ خَلْفَ إِمَامٍ مُقِيمٍ يُصَلِّي الصُّبْحَ لَمْ يَجُزْ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ حَصَلَ مُؤْتَمًّا بِمُقِيمٍ

(فَصْلٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْإِمْلَاءِ: وَإِذَا اسْتَفْتَحَ بِنِيَّةِ التَّمَامِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَوَقْتُ الصَّلَاةِ بَاقٍ لَزِمَهُ أَنْ يستأنفها تامة ولا يجوز له قصرها لأنه إِتْمَامَهَا قَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهَا بِفَوَاتِ الْوَقْتِ، وَلَكِنْ لَوِ افْتَتَحَهَا بِنِيَّةِ التَّمَامِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا مُحْدِثًا جَازَ إِذَا اسْتَأْنَفَهَا أَنْ يَقْصُرَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْعَقِدْ إِحْرَامُهُ مَعَ الْحَدَثِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إِتْمَامُهَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمَّا وَقَعَ بَاطِلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ فَصَارَ كَمَنْ نَوَى الْإِتْمَامَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنَ الْقَصْرِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ

(فَصْلٌ)

: قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: " وَإِذَا أَحْرَمَ مُسَافِرٌ بِمُسَافِرٍ وَنَوَيَا جَمِيعًا الْقَصْرَ ثُمَّ سَهَا الْإِمَامُ فَصَلَّى أَرْبَعًا سَاهِيًا يَظُنُّهَا رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِأَنَّ فَرْضَهُ رَكْعَتَانِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا سَهْوٌ، وَلَوْ ذَكَرَ سَهْوَهُ فِي الثَّالِثَةِ أَتَى بِسُجُودِ السَّهْوِ وَسَلَّمَ وَوَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعًا لِأَنَّ إِتْمَامَهَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّ إِمَامَهُ قَدْ نَوَى الْإِتْمَامَ، وَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ سَاهِيًا لَمْ يَتْبَعْهُ، فَإِنْ تَبِعَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَنْ تَبِعَ إِمَامًا قَامَ إِلَى خامسة "

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَ لَهُ طَرِيقَانِ يَقْصُرُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا يَقْصُرُ فِي الْآخَرِ فَإِنْ سَلَكَ الْأَبْعَدَ لِخَوْفٍ أَوْ حُزُونَةٍ فِي الْأَقْرَبِ قَصَرَ وَإِلَّا لَمْ يَقْصُرْ وَفِي الْإِمْلَاءِ إِنْ سَلَكَ الْأَبْعَدَ قَصَرَ " (قَالَ الْمُزَنِيُّ) " وَهَذَا عِنْدِي أَقْيَسُ لِأَنَّهُ سَفَرٌ مُبَاحٌ "

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ أَرَادَ قَصْدَ بَلَدٍ لَهُ إِلَيْهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا قَرِيبُ الْمَسَافَةِ لَا يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ. وَالْآخَرُ بَعِيدُ الْمَسَافَةِ يَقْصُرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ فَإِنْ سَلَكَ الْأَقْصَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ لِقُرْبِ مَسَافَتِهِ، وَإِنْ سَلَكَ الْأَبْعَدَ فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْلُكَهُ لِعُذْرٍ أَوْ غَرَضٍ مِثْلُ عَدُوٍّ فِي الْأَقْرَبِ يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ لِصٍّ يَخَافُهُ عَلَى مَالِهِ أَوْ طَالِبِ خِفَارَةٍ أَوْ سُلُوكِ عَقَبَةٍ شَدِيدَةٍ أَوْ يَخَافُ قِلَّةَ مَاءٍ أَوْ مَرْعًى أَوْ يَكُونُ لَهُ فِي الْأَبْعَدِ غَرَضٌ كَزِيَارَةِ قَرَابَةٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ يَعْرِفُ خَيْرَ مَتَاعٍ فَهَذَا يَقْصُرُ فِي سُلُوكِ الْأَبْعَدِ إِنْ شَاءَ لَا يَخْتَلِفُ كَمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِي الْأَقْرَبِ عُذْرٌ وَلَا فِي الْأَبْعَدِ غَرَضٌ، فَفِي جَوَازِ قَصْرِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١] ، وَلِأَنَّهَا مَسَافَةٌ يُقْصِرُ مِثْلُهَا الصَّلَاةَ فَجَازَ أَنْ يَقْصُرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>