للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّيِّدِ لَهُ أَنْ يُبْطِلَهَا عَلَيْهِ، فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَحْكُمَ بِإِبْطَالِهَا، وَيَقُومَ ذَلِكَ مَقَامَ إِبْطَالِ السَّيِّدِ لَهَا، فَإِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفَسَادِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِبْطَالًا لَهَا لِفَسَادِهَا قَبْلَ حُكْمِهِ، وَإِبْطَالِهَا هُوَ الَّذِي يَرْفَعُ الْعِتْقَ فِيهَا بِالْأَدَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ هُوَ الَّذِي سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يَحْكُمَ بِبُطْلَانِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاكِمِ إِجَابَتُهُ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ حَقٌّ يَخْتَصُّ بِالسَّيِّدِ لَا يَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِامْتِنَاعَ مِنَ الأداء.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ أَدَّى الْفَاسِدَةَ إِلَى الْوَارِثِ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْقَائِلُ إِنْ أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: [وَهَذَا مِمَّا دَخَلَ فِي الْأَحْكَامِ السِّتَّةِ، وَقُلْنَا: إِنْ مَوْتَ السَّيِّدِ يُبْطِلُ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ، وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِهِ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ؟ فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إِلَى الْوَارِثِ لَمْ يَعْتِقْ] ، وَإِنْ أَدَّى فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ إِلَى الْوَارِثِ عَتَقَ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا إِذَا صَحَّتْ غَلَبَ فِيهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَعَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ غَلَبَ فِيهَا الْعِتْقُ بِالصِّفَةِ، وَالْعِتْقُ بِالصِّفَاتِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ.

كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إِذَا دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ بِدُخُولِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَازِمَةٌ إِذَا صَحَّتْ وَمَا لَزِمَ مِنَ الْعُقُودِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَإِذَا فَسَدَتْ لَمْ يَلْزَمْ، وَمَا لَا يَلْزَمُ مِنَ الْعُقُودِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَالْوَكَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ.

فَصْلٌ

وَإِذَا أَخَذَ الْمُكَاتَبُ سَهْمَ الرِّقَابِ فِي الزَّكَاةِ فَأَدَّاهُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ نَظَرَ فَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ إِبْطَالِهَا، بِمَوْتِهِ، أَوْ بِإِبْطَالِهِ لَهَا فِي حَيَاتِهِ اسْتَرْجَعَ سَهْمَ الرِّقَابِ مِنَ السَّيِّدِ لِخُرُوجِ هَذَا الْعَبْدِ مِنْهُمْ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ كِتَابَتُهُ حَتَّى أَدَّى فِيهَا سَهْمَ الرِّقَابِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ يَعْتِقُ بِهِ اسْتَرْجَعَ مِنَ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ يَعْتِقُ بِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأُمِّ: (اسْتَرْجَعَ مِنَ السَّيِّدِ وَلَمْ يَعْتِقِ الْعَبْدُ بِهِ، لِأَنَّ فَسَادَهَا يُخْرِجُهُ مِنْ جُمْلَةِ الرِّقَابِ) وَأَرَى أَنْ لَا يَسْتَرْجِعَ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَجْرِي عَلَى فَاسِدِهَا فِي مِلْكِ الِاكْتِسَابِ وَوُقُوعِ الْعِتْقِ بِهِ حُكْمُ الصِّحَّةِ، كَذَلِكَ فِي سَهْمِ الرِّقَابِ. والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ لَمْ يَمُتِ السَّيِّدُ وَلَكِنَّهُ حُجِرَ عَلَيْهِ أَوْ غُلِبَ عَلَى عَقْلِهِ فَتَأَدَّاهَا مِنْهُ لَمْ يعتق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>