للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ، مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ، فِيمَا تَصِيرُ بِهِ حِصَّةُ الشَّرِيكِ أُمَّ وَلَدٍ:

فَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فِي جَمِيعِهَا بِالْإِحْبَالِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي الْوَلَدِ، لِأَنَّهَا وَضَعَتْهُ بَعْدَ أَنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ بَاقِيهَا لَا يَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إِلَّا بِالْإِيلَادِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ مِنَ الْوَلَدِ، لِثُبُوتِ رِقِّهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ تَقْوِيمَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى عَجْزِهَا عَنِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَخْلُ حَالُهَا مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ تُؤَدِّيَ، أَوْ تَعْجِزَ.

فَإِنْ أَدَّتْ كِتَابَتُهَا إِلَيْهِمَا عَتَقَ جَمِيعُهَا بِالْكِتَابَةِ، وَبَطَلَ حُكْمُ الْإِيلَادِ، فَأَمَّا وَلَدُهَا فَلَا يُوقَفُ وَتُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ فِيهِ عَلَى الْأَبِ، وَيَتَحَرَّرُ عِتْقُ جَمِيعِهِ، وَإِنْ عَجَزَتِ الْأُمُّ عَنِ الْكِتَابَةِ انْفَسَخَتِ الْكِتَابَةُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُحْبِلْ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا لِمَا تَعَلَّقَ بِهَا مِنْ حَقِّ الْمُحْبِلِ فِي تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَتُقَوَّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَتَصِيرَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ لَهَا وَلِلْمُحْبِلِ حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الْإِنْظَارِ بِالْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ، فَيَجُوزَ ذَلِكَ لَهُمَا إِذَا تَرَاضَيَا بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْكِتَابَةِ حَقٌّ لِغَيْرِهَا، بِخِلَافِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُحْبِلْ أَوْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ بَاقِيَةً فِي نِصْفِهَا وَهُوَ حَقُّ الْمُحْبِلِ، وَبَاطِلَةً فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، وَهُوَ حَقُّ الَّذِي لَمْ يُحْبِلْ فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَ نِصْفُهَا بِالْكِتَابَةِ وَبَاقِيهَا بِالسِّرَايَةِ، وَإِنْ عَجَزَتْ فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ، وَكَانَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى الْإِنْظَارِ بَلْ يَخْتَلِفَا فِيهِ، فَالْكِتَابَةُ تَنْفَسِخُ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ لَا يَلْزَمُهَا الْمَقَامُ عَلَى الْعَقْدِ، وَالسَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْظَارُ بِالْمَالِ، فَأَيُّهُمَا دَعَا إِلَى الْفَسْخِ بَعْدَ الْعَجْزِ انْفَسَخَتْ بِهِ الْكِتَابَةُ، وَإِذَا انْفَسَخَتِ اسْتَقَرَّ بَعْدَ فَسْخِهَا حُكْمُ الْوِلَادَةِ، وَصَارَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ يُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ.

فَأَمَّا الْوَلَدُ فَيَلْتَزِمُ الْأَبُ قِيمَةَ نِصْفِهِ لِشَرِيكِهِ، وَيَتَحَرَّرُ عِتْقُ جَمِيعِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ وَطِئَاهَا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا فَإِنْ عَجَزَتْ تَقَاصَّا الْمَهْرَيْنِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي وَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، فَأَمَّا إِذَا وَطِئَهَا الشَّرِيكَانِ مَعًا فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ مَحْظُورًا، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ شُبْهَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>