للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ النِّصْفَ الْمُقَوَّمَ مِنْهَا لَا يَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَوَّلِ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ نِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهِ، وَيَكُونُ مَهْرُ الْمِثْلِ الْوَاجِبِ عَلَى الثَّانِي بِوَطْئِهِ لِلْمُكَاتَبَةِ، تَسْتَعِينُ بِهِ فِي كِتَابَتِهَا، فَإِنْ عَجَزَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُهُ، وَكَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي، لِلْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فَيَتَقَاصَّانِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ مَسْطُورُ الْمَسْأَلَةِ.

فَصْلٌ

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَلْحَقَ الْوَلَدُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، بِأَنْ تَضَعَهُ إِمَّا لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءِ الْأَوَّلِ، أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ، فَلَا يَلْحَقُ بِالْأَوَّلِ نِصْفُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِي، وَلَا تَدَّعِي اسْتِبْرَاءً فَيَلْحَقُ بِالثَّانِي فَيَكُونُ مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا جَارِيًا عَلَى حُكْمِهِ لَوْ لَمْ يُحْبِلْهَا الثَّانِي، وَمَا يَلْزَمُ الثَّانِي فِي تَقْوِيمِ الْأُمِّ، وَحُكْمِ الْوَلَدِ وَالْمَهْرِ جَارِيًا عَلَى حُكْمِ لُحُوْقِهِ بِالْأَوَّلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَصِيرَ نِصْفُهَا لَهُ أُمَّ وَلَدٍ لِوَقْتِهِ، وَلَا يُبْطِلُ فِيهِ الْكِتَابَةَ، ثُمَّ يُعْتَبَرُ حَالُ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ النِّصْفُ الْبَاقِي، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ لِلْأَوَّلِ، وَكَانَ نِصْفُ الْوَلَدِ حُرًّا، وَفِي نِصْفِهِ الثَّانِي وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: حُرٌّ وَعَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ لِلْأَوَّلِ يُؤَدِّيهَا إِذَا أَيْسَرَ. وَالثَّانِي: مَرْقُوقٌ، وَهَلْ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ إِنْ عَتَقَتْ بِالْأَدَاءِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَضَيَا، وَالْكَلَامُ فِي الْمَهْرِ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ النِّصْفُ الْآخَرُ، وَهَلْ يُقَوَّمُ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الْعَجْزِ؟ عَلَى مَا مَضَى من القولين:

أحدهما: يوم بَعْدَ الْعَجْزِ فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ الْوَلَدِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُقَوَّمُ لِوَقْتِهِ فِي الْحَالِ، فَعَلَى هَذَا فِي وُجُوبِ قِيمَتِهِ نِصْفُ الْوَلَدِ قَوْلَانِ مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِيرُ نِصْفُهَا الْبَاقِي مِنْهُ أُمَّ وَلَدٍ. فَإِنْ قِيلَ: بِالْإِيلَادِ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ.

وَإِنْ قِيلَ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْإِيلَادِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ فِي النِّصْفِ الْمُقَوَّمِ، وَلَا تَبْطُلُ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي، فَيُرَاعَى حَالُهَا فِي الْأَدَاءِ وَالْعَجْزِ، فَإِنْ عَجَزَتْ صَارَ جَمِيعُهَا أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَ جَمِيعُهَا، نِصْفُهَا بِالْكِتَابَةِ، وَنِصْفُهَا بِالسِّرَايَةِ، فَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ فَيَأْتِي مسطوراً من بعد.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الْآخَرِ مِنْهُمَا كِلَاهُمَا يَدَّعِيهِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَلَا تَدَّعِي اسْتِبْرَاءً فَهِيَ أُمُّ وَلَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ عَجَزَتْ أُخِذَ بِنَفَقَتِهَا وَأُرِيَ الْقَافَةَ فَبِأَيِّهِمَا أَلْحَقُوهُ لَحِقَ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِهِمَا لَمْ يَكُنِ ابْنَ وَاحِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>